Posted inأخبار أريبيان بزنسذكاء اصطناعي

تحوّل المشهد الحالي للذكاء الاصطناعي من النماذج إلى الوكلاء

يوضح سيرجي لويتر، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الإعلان والبحث في مجموعة يانغو، تحولات المشهد الحالية في الذكاء الاصطناعي

سيرجي لويتر، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الإعلان والبحث في مجموعة يانغو
سيرجي لويتر، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الإعلان والبحث في مجموعة يانغو

يُشكّل الذكاء الاصطناعي الاقتصادات، ويُعيد تعريف القطاعات، ويقف وراء كل شيء – بدءاً من أدوات الإنتاجية إلى الاستراتيجيات الرقمية الوطنية. يشهد الذكاء الاصطناعي نقلة تحويلية من عصر التنافس لبناء أكبر النماذج الأساسية إلى عصر يُركّز على توفير وكلاء ذكاء اصطناعي يتّسمون بالعملية والذكاء والقدرة على التفكير والتكيف والتصرف باستقلالية، يفتح هذا فرصاً جديدة للتخطيط والسياسات، لا سيما لاقتصادات مثل الإمارات العربية المتحدة التي استثمرت بكثافة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والأجندات الوطنية للابتكار مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031.

سنكتشف معكم فيما يلي التطورات التي يشهدها الذكاء الاصطناعي، من النماذج الأساسية إلى الوكلاء الأذكياء وأكثر.

عصر النموذج الأساسي

على مدى السنوات القليلة الماضية، ركّزت مبادرات تطوير الذكاء الاصطناعي على النماذج الأساسية، وهي شبكات عصبية كبيرة مُدرّبة على مجموعات بيانات ضخمة. حالياً، هناك أكثر من مئة نموذج قيد الاستخدام قادرة جميعها على أداء مجموعات واسعة من المهام، من توليد المحتوى، ترجمة اللغات، كتابة الشفرات البرمجية، إلى تأليف الموسيقى وإنشاء الصور.

وفقاً لتقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2025، يستمر حجم النماذج في النمو بسرعة، حيث يتضاعف تدريب الحوسبة كل خمسة أشهر، ومجموعات البيانات كل ثمانية أشهر، بينما يتضاعف استخدام الطاقة سنوياً. يشير نظام “إيلو” (Elo)، المستخدم لتصنيف نماذج الذكاء الاصطناعي، إلى تقلّص سريع في فجوة المهارات بين أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي. في عام واحد فقط، انخفض الفرق بين أفضل النماذج وعاشرها إلى أكثر من النصف، وتتطابق الآن مهارات أفضل نموذجين تقريباً.

يرى بعض المحللّين أن تطوير الذكاء الاصطناعي قد بلغ ذروته، وأن هناك حاجة إلى نماذج أصغر وأكثر تخصصاً. يعود ذلك إلى نقص البيانات المتاحة، وقوة الحوسبة، ومعدّل الطاقة المستهلكة. على سبيل المثال، يستهلك استعلام واحد على تشات جي بي تي حوالي عشرة أضعاف الطاقة التي يستهلكها بحث واحد على غوغل.

الأسس الراسخة تتطلّب بنية تحتية متينة

تُعتبر الشركات الرائدة والناشئة التي تقف وراء النماذج الأساسية شركات معروفة ورائدة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لم تكن إنجازاتها لتتحقق في معزل عن الشركات التي تُنشئ وتُوفّر البنية التحتية اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

يتطلب إرساء النماذج الأساسية استثمارات هائلة في البنية التحتية. وفقاً لبيانات شركة “إبوك إي آي” (Epoch AI)، ارتفعت تكلفة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة مرتين إلى ثلاث مرات سنوياً على مدار السنوات الثماني الماضية، ويتوقع الباحثون أن تتجاوز تكلفة تدريب النماذج الأكبر حجماً مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027.

يتطلب تدريب النماذج الأساسية على نطاق واسع بنية تحتية متطورة للغاية وتستهلك موارد كثيفة. يبدأ ذلك بمجموعات متطورة من وحدات معالجة الرسومات ثلاثية الأبعاد (GPUs) أو وحدات المعالجة الموازية (TPUs)، مدعومة بشبكات عالية الأداء لتوصيل الخوادم والأجهزة الطرفية بسرعة 100 جيجابت في الثانية ووحدات تخزين لمحركات الأقراص الصلبة (SSD) واسعة النطاق لمعالجة مجموعات البيانات الضخمة والتأكد منها. ومن الأهمية بمكان وجود بنية تحتية متينة للبيانات تضمن جمع كميات البيانات التي تصل إلى حجم البيتابايت وتنظيفها ومعالجتها بشكل آمن. ولإدارة هذه التعقيدات، يتم استخدام أطر موزّعة لتعلم الآلة، إلى جانب أدوات التنسيق لتوزيع عمليات الحوسبة.

إلى جانب الأنظمة الحاسوبية، يعتمد الحفاظ على هذه العمليات واسعة النطاق على أدوات مراقبة متطورة لتتبع صحة النظام وأدائه، وأنظمة نسخ احتياطي موثوقة، وبنية تحتية مادية متينة، تشمل توفير الطاقة دون انقطاع وحلول تبريد متطورة. ويجب أن تُشرف على العملية برمتها فرق من الخبراء في هندسة تعلم الآلة وهندسة البيانات. تُبرز هذه المتطلبات المتعددة للبنية التحتية التكلفة الهائلة والتعقيدات المرتبطة والمواهب اللازمة لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة والبدء باستخدامها.

تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الأمر، وتستجيب له بشكل استراتيجي. فمن خلال كيانات مثل مجموعة جي 42 الإماراتية  ، مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، تعمل الدولة على الارتقاء بالقدرات المحلية في البنية التحتية الرقمية، وابتكار الرقائق، ودعم أبحاث الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى تعزيز الابتكار، تعتبر هذه المبادرات أساسية في ضمان الاعتماد الذاتي التكنولوجي على المدى الطويل، وضمان السيادة الوطنية في اقتصاد عالمي يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي.

من المساعدين الأذكياء إلى الوكلاء الأذكياء

مع استقرار السباق في مشهد نماذج الذكاء الاصطناعي واستثمارات البنية التحتية، تتجه الخطوة التالية نحو الذكاء الاصطناعي الوكيل، وهم وكلاء افتراضيون قادرون على التفكير والتخطيط والتصرف نيابةً عن المستخدمين. يُستخدم الذكاء الاصطناعي الآن على نطاق واسع في جميع المجالات، سواءً للترفيه أو الإنتاجية. بدءً من إنشاء صور رمزية للذكاء الاصطناعي إلى رفقاء الذكاء الاصطناعي الذين يتولون تدوين الملاحظات أثناء المكالمات الجماعية، أصبح الذكاء الاصطناعي مفيداً للغاية في حياتنا اليومية.

يقود الذكاء الاصطناعي الوكيل هذا التحول نحو نهج عملي أكثر تمكيناً وقائم على المنتج يؤكد قدرة الذكاء الاصطناعي على تجاوز مجرد عمليات البحث عن البيانات وتحليلها وتوليدها إلى أداء المهام على أرض الواقع. كل هذا ممكن لأن الذكاء الاصطناعي الوكيل يتمتع بالقدرة على المزج بين الوعي بالسياق والذاكرة والمنطق وتحديد الأهداف لفهم المتطلبات والتصرف وفقاً لذلك.

يُعد هذا التحول في غاية الأهمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أصبحت الخدمات الرقمية، من البوابات الحكومية إلى خدمة العملاء، أكثر تطوراً وترابطاً. تساعد الأنظمة الوكيلة السكان على تجديد المستندات، وتخطيط السفر، وإدارة الروتين الصحي، وحتى إدارة التعليم المخصص من خلال واجهة استباقية واحدة.

استشراف آفاق الذكاء الاصطناعي

مع انتقال التركيز من تجارب الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق إلى حلول محلية قابلة للتنفيذ، سيتحقق النجاح عند دمج الذكاء الاصطناعي الأكثر ذكاءً في الحياة الواقعية. من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بما يصل إلى 100 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة بحلول عام 2030، وهو نمو كبير تعمل القيادة الرشيدة للدولة على تمكينه بالتآزر مع سكانها المتمكّنين من مشهد الرقمنة، ومنظومة تكنولوجية قوية بين القطاعين العام والخاص. من الخدمات الحكومية وإنتاجية المؤسسات إلى الرعاية الصحية والإعلام والتعليم، ستأتي القيمة الحقيقية من الذكاء الاصطناعي المدمج بسلاسة في الأنظمة اليومية والذي يتميز بالقدرة على فهم السياق والتكيف بسلاسة مع الظروف المحلية.

سيرجي لويتر، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الإعلان والبحث في مجموعة يانغو

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
فريق التحرير

فريق التحرير

فريق تحرير أربيان بزنس يمثل مجموعة من المحترفين. يجمع الفريق بين الخبرة الواسعة والرؤية الابتكارية في عالم الصحافة...