تعمل السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، بشكل حيوي وجاد على رفع جهوزية الموانئ في البلاد الأمر الذي يجعل مساهمة هذه الموانئ في الناتج المحلي تنمو بشكل ملحوظ بين عام وآخر بالإضافة إلى أن السعودية باتت تستثمر بكل قوة في عديد من الميزات التنافسية التي تمتلكها ويأتي في مقدمها الموقع الجغرافي المميز الذي يربط القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا.
ويشكل موقع المملكة العربية السعودية الاستراتيجي أهمية بالغة في ربط دول العالم كونها تربط القارات الثلاث (آسيا، وأفريقيا، وأوروبا) ببعضها، مما جعلها مركزاً لوجستياً عالمياً.
وأسهم هذا الموقع الاستراتيجي في أن تصبح السعودية في مقدمة دول العالم في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، إذ تمتلك طرقاً يبلغ مجموع أطوالها 73.5 ألف كيلو متراً تتبع لوزارة النقل والخدمات اللوجستية، وجسوراً بلغ عددها ٣٦٩٠، وأنفاقاً بعدد ٧٦ نفقاً، فيما تخطى مجموع الرحلات الجوية لعام 2022 بنحو 700 ألف رحلة.
وكون قطاع النقل والخدمات اللوجستية في السعودية الشريان الرئيس والمحرّك الأساسي للتنمية، كان لابد من توفير عديد من الخطط الفعّالة في دعم هذا القطاع بهدف تقليص المسافات وربط المناطق ببعضها البعض، إلى جانب تيسير إجراءات قدوم وتنقّل الزوّار والسيّاح وقاصدي الحرمين الشريفين، وتمكين عدد من القطاعات الحيوية من ممارسة أعمالها وتحقيق أهدافها وطموحاتها، بتوفير جميع السبل والوسائل وتهيئة وتطوير البنى التحتية.
رؤية المملكة 2030 وتحويل السعودية لمركز عالمي للخدمات اللوجستية
ونحو تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 وافق مجلس الوزراء على إنشاء الهيئة العامة للطرق، والمركز الوطني لسلامة النقل، ونقل اختصاص الإشراف والتنظيم والرقابة على قطاع البريد من منظومة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى منظومة النقل والخدمات اللوجستية، بهدف إعادة هيكلة وتطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية بما يواكب النهضة الحضارية الشاملة التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات.
ولقطاع النقل أنماط مختلفة تتمثل في النقل البري والبحري والجوي والسككي والطرق والخدمات اللوجستية، وتتكامل هذه الأنماط وتترابط للنهوض معاً بمستقبل واعد لمختلف القطاعات في الدولة، وصولاً للنهضة الشاملة في كل المجالات وتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
وشهد قطاع الطرق العام الماضي 2022، تنفيذ 56 مشروعاً للطرق بطول 1610 كيلو مترات، والانتقال من العقود التقليدية إلى عقود الصيانة المبنية على الأداء، إضافةً إلى إطلاق حملة لمسح جميع شبكة الطرق للعام الثاني بعنوان “نحو طرق آمنه”، رصدت أكثر من 14 ألف ملاحظة تم معالجتها، وفحص وتقييم 608 جسور للارتقاء بجودة الطرق، وفحص 37 نفقاً، إلى جانب إطلاق مبادرة لتحسين دورة حياة الطريق واستدامته بما يسهم في رفع جودة الطرق، وتحسين تكلفة دورة حياة الطرق وتحسين الأداء، وتطوير منظومة التشغيل والصيانة للطرق.
النقل البري
وفي قطاع النقل البري في عام 2022، وُضع الإطار التنظيمي للّوائح والسياسات الخاصة بالمركبات الكهربائية، والمركبات ذاتية القيادة، وإطلاق بوابة “تأجير” لأتمتة عمليات تأجير السيارات في المملكة، وإطلاق خمسة مشاريع للنقل العام بالحافلات داخل المدن، إضافة إلى إطلاق مشروع لتطوير خدمات نقل الركاب بالحافلات لربط أكثر من 200 مدينة ومحافظة، وارتفاع معدل الامتثال العام للمنشآت المرخصة بجميع أنشطة النقل 91 بالمئة، وتوفير حافلات النقل الترددي لنقل المشجعين الراغبين بحضور مباريات بطولة كأس العالم 2022 في دولة قطر، حيث نُقل 400 ألف مشجع، كما تجاوزت عدد الرحلات الداخلية 131 ألف رحلة.

النقل البحري
وتمتلك السعودية في قطاع النقل البحري 13 ميناءً على البحر الأحمر والخليج العربي، ونتيجة دعم القيادة لها حصلت المملكة على شهادة الجودة البحرية للقرن الحادي والعشرين من قبل خفر السواحل الأمريكي، كما وُقعت ست اتفاقيات مع هيئات التصنيف البحرية، وتوقيع اتفاقيات استثنائية مع شركات محلية وإقليمية وعالمية لإنشاء ست مناطق لوجستية متكاملة، وإضافة 17 خدمة ملاحية جديدة تربط موانئ المملكة بموانئ الشرق والغرب وتعزز الحركة التجارية، إضافةً إلى توسعة بوابة 9 لميناء جدة الإسلامي بعد تطويرها وتأهيل الطريق الغربي، كما تم وضع حجر أساس أكبر منطقة لوجستية متكاملة في الشرق الأوسط بميناء جدة الإسلامي؛ باستثمارات تبلغ 1,3 مليار ريال على مساحة 225 ألف متر مربع، وذلك في إطار تطوير وطرح فرص استثمار المناطق اللوجستية للقطاع الخاص، وزيادة عدد المناطق اللوجستية التي تشمل إعادة التصدير لتصل إلى 30 منطقة بحلول العام 2030، تماشياً مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية بترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي ومحور التقاء ثلاث قارات.

النقل الجوي
وجوّياً شملت منجزات قطاع النقل الجوي انتخاب السعودية عضواً عن المجموعة العربية في انتخابات مجلس منظمة (ICAO)، وفوزها بمقعد في مجلس المنظمة بدعم استثنائي من 156 دولة عضوًا، كما شهد القطاع استضافة مؤتمر مستقبل الطيران 2022، وإطلاق مخطط مطار الملك سلمان الدولي، وتدشين صالتي السفر الدوليتين 3 و4 في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، وتوسعة مطار القيصومة ليصبح مطاراً دولياً، إضافةً إلى اكتمال التحول المؤسسي لـ 25 مطاراً، وتسيير رحلات يومية على مدار الساعة لنقل المسافرين إلى دولة قطر لحضور مباريات كأس العالم 2022، فيما بلغ إجمالي أعداد المسافرين عبر مطارات السعودية في 2022 أكثر من 88 مليون مسافر، وتجاوز إجمالي الشحن بالطن عبر مطارات السعودية في 2022 حاجز 623 ألف طن، في حين سجلت ثلاث مسارات دولية وهي (القاهرة – جدة، ودبي – الرياض، ودبي – جدة) وفق التصنيف العالمي ضمن أكثر 10 مسارات حول العالم في عدد الرحلات لغاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، فيما سجل المسار الداخلي (الرياض – جدة) الأكثر نشاطاً خارج قارة آسيا.

السكك الحديدية
ونقل القطاع السككي خلال 2022، أكثر من 5.8 ملايين راكب عبر شبكات الخطوط الحديدية بزيادة 115 بالمئة عن 2021، ونقل أكثر من 1.3 مليون حاج عبر قطار المشاعر في موسم حج عام 1443هـ، ونقل أكثر من 23 مليون طن من المعادن والبضائع عبر قطارات الشحن بزيادة بلغت 9 بالمئة عن عام 2021، كما أسهمت القطارات في إزاحة 1.8 مليون رحلة شاحنة عن طرق السعودية، علاوةً على ذلك تم تدشين، مشروع الخط الحديدي الرابط بين شبكتي الشمال والشرق وشبكة الجبيل الداخلية، وتدشين شبكة الجبيل الداخلية، بالإضافة إلى تدشين محطة قطار الركاب بالقريات، وخدمة شحن السيارات عبر قطارات الركاب بقطار الشمال، فيما نُظم منتدى الفرص الصناعية للخطوط الحديدية، وتوقيع 24 مذكرة تفاهم و15 اتفاقية في شأن النقل السككي.

النقل البريدي
وعلى مستوى القطاع البريدي تجاوز عدد المسجلين في العنوان الوطني المختصر أكثر من 20 مليون شخص، وارتفعت نسبة التغطية الجغرافية للخدمات البريدية في السعودية إلى 100 بالمئة، كما عُززت جودة الالتزام باتفاقيات مستوى الخدمة للعملاء، ووُقعت عقود جديدة مع شركاء من القطاع الخاص، بالإضافة إلى إطلاق خدمة المساعدة الافتراضية “مها” لتقديم خدمات تقنية سهلة وسريعة، وأجابت على أكثر من 14 مليون استفسار.
وستواصل منظومة النقل رحلتها في تسجيل منجزات جديدة وفريدة، وصولاً لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي تعد جزءاً لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030.
وتعّد وزارة النقل والخدمات اللوجستية شريكاً أساسياً وقطاعاً حيوياً مهماً يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، من خلال ما تقوم به من جهود ينعكس أثرها في تمكين العديد من القطاعات لتحقيق مستهدفاتها، وتعود بالنفع على هذا الوطن والمواطن، وتتضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منتصف 2021، عدداً من المبادرات والبرامج التي تحقق مستهدفات قطاعات عدة، وترّسخ مكانة المملكة كمركزاً لوجستياً عالمياً.
ويدفع إطلاق الاستراتيجية نحو تنمية قطاع النقل والخدمات اللوجستية من خلال عديد من المشاريع النوعية التي ستعزز مكانة السعودية وتنافسيتها إقليمياً وعالمياً، وستعمل على تنويع الاقتصاد السعودي وتكريس الارتباط بالاقتصاد العالمي وتنمية المحتوى المحلي بما يعادل ٣٣ بالمئة من تكاليف القطاع؛ لدعم التنمية المستدامة، إذ تعّد الخدمات اللوجستية محرك رئيس للقطاعات غير النفطية وداعم رئيس ومحوري نحو التنمية الاقتصادية والاستدامة في السعودية.
وتتضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية إنشاء منصات ومناطق لوجستية عالمية ومحاور دولية للطيران، وكذلك تطوير البنى التحتية للموانئ وتوسيع طاقتها الاستيعابية ورفع كفاءتها التشغيلية عبر تمكين واستثمار القدرات لدعم التنمية المستدامة، وأحد أهدافها الرئيسة يتمثل في النهوض بمساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي الوطني إلى 10 بالمئة عوضاً عن 6 بالمئة حالياً، وتستهدف تحقيق عدة مستهدفات طموحة؛ أبرزها أن تكون المملكة في قائمة الدول العشر الأولى عالمياً في مؤشر الأداء اللوجستي، وكذلك التقدم في مؤشر التجارة عبر الحدود لتصبح المملكة ضمن الدول الـ 35 الأولى عالمياً مقارنةً بترتيبها الحالي الذي يبلغ 86، وأن تكون السعودية ضمن أفضل ست دول عالمياً في مؤشر جودة الطرق مع الحفاظ على ريادة المملكة عالمياً في ترابط شبكة الطرق، إذا تُعد السعودية الأولى عالمياً في هذا المؤشر، بالإضافة لزيادة الطاقة الاستيعابية للمسافرين لتصل إلى 330 مليون مسافر، وشحن أكثر من 4.5 ملايين طن جواً سنوياً بالإضافة إلى زيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية.




