تُعتبر نماذج أوبن إي آي (OpenAI) الجديدة التي طرحت هذا الأسبوع خطوةً استراتيجيةً لمساعدة الولايات المتحدة على البقاء في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي العالمي مع مزاعم تعزيز قيم الديمقراطية كما ورد في بيان الشركة. ويخشى قادة شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية من أن تسيطر شركات صينية، مثل ديب سيك DeepSeek، على السوق بنماذجها مفتوحة المصدر. ويُعدّ هذا الإصدار وسيلةً للولايات المتحدة للدفع نحو تبني تقنية الذكاء الاصطناعي المفتوحة الخاصة بها، والتي تستند إلى ما يُطلق عليه سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إي آي، “القيم الديمقراطية بحسب بيان الشركة“. يُمثل هذا الإصدار خطوة استراتيجية معقدة تمس الاستراتيجية الوطنية الأمريكية، والمنافسة العالمية، والنقاش الدائر حول مخاطر وفوائد جعل الذكاء الاصطناعي المتقدم أكثر سهولة في الوصول. صُممت النماذج الجديدة للمستخدمين الذين يرغبون في تشغيل الذكاء الاصطناعي مباشرةً على أجهزتهم، مما يُؤمن توفيرًا في التكاليف وخصوصيةً أكبر. كما يُناسب هذا النهج الدول التي ترغب في مزيد من التحكم في بياناتها ولا ترغب في الاعتماد على مُزودي خدمات سحابية كبار مثل غوغل ومايكروسوفت. تُتيح هذه الخطوة لشركة أوبن إي آي المنافسة في سوق جديدة دون المخاطرة بأعمالها من خلال نماذجها المغلقة، مثل GPT-4o . حتى الآن كانت النماذج المفتوحة لدى الشركة مقيدة ولا يمكن الوصول إليها إلا من خلال واجهة برمجة التطبيقات (API)، أما تقديم النموذج الجديد بطريقة “الوزن المفتوح” فذلك يعني تحولًا كبيرًا تترتب عليه مكاسب جمةّ، أي أنه يمكن لأي شخص، في أي مكان، تنزيل المكونات الأساسية للنموذج وتشغيلها بموجب ترخيص مرن (في هذه الحالة، ترخيص Apache 2.0). ويذكر أن رخصة “الوزن المفتوح” لا تعني “المصدر المفتوح”، فالنموذج “مفتوح الوزن” (Open-Weight) هو رخصة مختلفة، لأن الفارق بينه وبين “المصدر المفتوح” (Open-Source) هو أن “الوزن المفتوح” يتيح للمطورين الوصول إلى المكونات الأساسية أي أوزان النموذج المدرب وتشغيلها وتعديلها، لكن لا يتيح لهم بالضرورة الوصول إلى كود التدريب أو بياناته، وهذا هو النهج الذي اتبعته شركة أوبن إي آي كما هو الحال مع نماذج أخرى مثل Meta’s Llama وDeepSeek .
توقيت الإصدار الجديد من أوبن إي آي ليس مجرد صدفة، فمع احتدام التنافس في منظومة نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة الوزن مؤخرًا، تتنافس إصداراتٍ هائلة من ميتا (لاما)، وميسترال (فرنسا)، وشركات تقنية صينية مثل ديب سيك ومون شوت إيه آي. وتهدف أوبن إي آي إلى ترسيخ ريادة الولايات المتحدة وأهميتها التكنولوجية في مجالٍ يشهد فيه المتنافسون الصينيون والأوروبيون تقدمًا سريعًا. ولهذا الأمر أهمية جيوسياسية مباشرة، إذ ترى المزيد من الدول أن قدرة الذكاء الاصطناعي وانفتاحه أمران حاسمان للتأثير الاقتصادي والأيديولوجي المستقبلي.
استراتيجية الأعمال – نظام بيئي ثنائي المستوى
لا يُشكل إطلاق نماذج مفتوحة الوزن خطرًا تجاريًا على عروض أوبن إي آي المدفوعة والمغلقة مثل GPT-4o أو GPT-5 ، بل يُوسّع نطاق سوقها المُستهدف. تُعدّ نماذج أوبن إي آي جذابة للمؤسسات التي تحتاج إلى نشر محلي، وتحكم كامل، وكفاءة في التكلفة، وقابلية للتخصيص – دون التأثير على أعمال أوبن إي آي المتميزة التي تحصل رسوم على الربط عبر واجهات برمجة التطبيقات API. يُمكّن هذا النهج أوبن إي آي من المنافسة في كلا القطاعين، وتلبية الدعوات إلى خيارات ذكاء اصطناعي أكثر خصوصية وأمانًا وشفافية. وهي ليست مبادرة تقنية أو مجتمعية، بل خطوة ترتبط بشكل وثيق مع الاستراتيجية الوطنية الأمريكية، والمنافسة العالمية، وإعادة تأهيل العلامة التجارية، والنقاشات حول المخاطر والفوائد المجتمعية للذكاء الاصطناعي المفتوح والمتقدم. تُرسّخ أوبن إي آي مكانتها كراعٍ للذكاء الاصطناعي الآمن، وداعم للانفتاح، إيمانًا منها بأن الوصول الواسع سيحفز الابتكار، وسيُسهم في إرساء معايير ديمقراطية للذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم بحسب زعم الشركة.
أبعت أوبن إي آي ذلك أمس بإصدار جديد هو تشات جي بي تي 5.
تابع التفاصيل التقنية وخطوات الاستخدام على الرابط أدناه

