في ظل تزايد العملات المشفرة تركز منطقة الشرق الأوسط حالياً على أن تصبح لاعباً رئيسياً في منظومة الـ Web3، والتي أحدثت نقلة شاملة في المشهد الرقمي وبجذورها التي تعود إلى تقنية “البلوك تشين”.
وأصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا محوراً لتطورات مهمة على صعيد العملات المشفرة والبلوك تشين، واستطاعت استقطاب استثمارات وشراكات باتت ترسم ملامح المشهد المالي العالمي.
وتحرص الحكومات والشركات على امتداد الشرق الأوسط على توظيف مزايا تقنية “البلوك تشين” في العديد من الاستخدامات، بما في ذلك الخدمات المالية والتحقق من الهوية وإدارة سلاسل التوريد.
وتمثل شبكة Web3 مجموعةً من تقنيات الإنترنت اللامركزية التي تحمل إمكانات هائلة لتحويل القطاعات، وخاصة القطاع المالي، وتستهدف توفير تجربة إنترنت أكثر شفافية وأمان، بالإضافة إلى تعزيز الثقة والأمن والمسؤولية في التفاعلات الرقمية.

وتحدث بيل كيان، رئيس مجلس إدارة شركة “سايفر كابيتال” لـ “أريبيان بزنس” عن المشهد المتطور للبنية التحتية لشبكة الـ Web3 وتطبيقاتها وتأثيرها على الاقتصاد الرقمي في الشرق الأوسط.
وقال كيان إن مجالات استخدام تقنيات Web3 في المنطقة تشمل تطوير نظم هوية رقمية آمنة وقابلة للتحقُّق، إلى جانب الأعمال الحكومية، بما في ذلك سجلات الأراضي، وعمليات التصويت، والسجلات العامة، والوصول إلى الخدمات، وتحسين الشفافية، ومواجهة الأنشطة الاحتيالية، وزيادة الأمن.
وأوضح أنه يمكن لهذه التكنولوجيا زيادة الكفاءة التشغيلية وخفض تكاليف الامتثال عن طريق الاستغناء عن الجهات الوسيطة، كما تقدم تطبيقات Web3 وبنيتها التحتية حلولاً وفرصاً جديدة للتنمية والتقدم.
وتوقع كيان أن تشهد المنطقة تزايد إدماج منظوماتها والاعتماد عليها، ما سينعكس على مختلف القطاعات. ويتطلب تطوير وتوظيف تقنيات Web3 بمنهجية مسؤولية في الشرق الأوسط معالجة القضايا التنظيمية والأمنية، وتبني أُطُر صارمة على هذا الصعيد.

“البلوك تشين” والعملات المشفرة في دول الخليج
وقال كيان إن تعزيز ريادة الأعمال والابتكار في مجال العملات المشفرة والبلوك تشين في دول مجلس التعاون الخليجي يتطلب تبني نهجٍ شامل يغطي النواحي التنظيمية والتعليمية، ويشمل بناءٍ منظومةٍ متكاملة.
وأكمل: “تتزايد ضرورة التواصل ووضع سياسات فعالة لمؤسسات البلوك تشين والعملات المشفرة، الأمر الذي يستوجب إعداد معايير الترخيص ولوائح سلامة المستهلك وقوانين الضرائب”.
كما يتيح إنشاء مراكز ابتكار أو بيئات تجريبية تنظيمية لشركات البلوك تشين والعملات المشفرة اختبار منتجاتها وحلولها في بيئة خاضعة للرقابة والإشراف، دون أن تخضع لقيود تنظيمية معقدة، ما يمهد الطريق لتعزيز الابتكار مع ضمان الامتثال للمعايير التنظيمية، بحسب المصدر.
وأكد أن حاضنات ومسرعات البلوك تشين تلعب دوراً رئيسياً في دفع عجلة النمو وريادة الأعمال والابتكار، إذ يمكنها تزويد الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة بالتوجيه والمساعدة المالية وتعزيز الوصول إلى منصات التمويل الجماعي والمستثمرين المُبادِرين، بالإضافة إلى التواصل مع طيفٍ أوسع من روّاد هذه التقنيات.
وطالب كيان بتنظيم مؤتمرات وندوات وفعاليات تُعنى بهذه التقنيات، للتواصل مع رواد الأعمال والمستثمرين والخبراء، وتبادل المعرفة وأفضل الممارسات كي تتيح هذه الاستراتيجيات لدول مجلس التعاون الخليجي تعزيز النمو الاقتصادي، وترسيخ مكانتها كمراكز إقليمية لتكنولوجيا البلوك تشين، مع توفير مناخٍ محفز ومشجع للابتكار وريادة الأعمال في قطاعات البلوكتشين والعملات المشفرة.

دعم الشركات الناشئة
وأوضح كيان أن “سايفر كابيتال” تلتزم بتوفير كافة أشكال المساعدة والدعم للشركات الناشئة، بالإضافة إلى الاستثمار في التقنيات الناشئة في مختلف المناطق، بما في ذلك الشرق الأوسط.
وأضاف: يعد تمكين الشركات الناشئة من الازدهار والنجاح في الأسواق أحد أبرز واجبات مؤسسات رأس المال الاستثماري، وذلك من خلال تزويدها الشركات الناشئة بالموارد المالية اللازمة لتوسيع عملياتها وتوسيع نطاق أعمالها. وبفضل استعدادها لمخاطر الاستثمار في أفكار ونماذج أعمال جديدة وغير مثبتة، تطورت شركات رأس المال الاستثماري وتنامى دورها لتصبح شركات وساطة مهمة وشريان حياة للشركات الناشئة.
الشراكة المحتملة مع الشركات السعودية
وعن علاقات التعاون والشراكة المحتملة بين “سايفر كابيتال” والشركات في الشرق الأوسط، خاصة المملكة العربية السعودية، أكد كيان أن هناك بلا شك فرص وآفاق واسعة للتعاون والشراكة بين “سايفر كابيتال” والشركات في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.
وأضاف: “لا يمكنني حالياً تقديم تفاصيل محددة حول الشركات في المملكة العربية السعودية، إلا أنني أؤكد أن شركة “سايفر كابيتال” بقيادة رئيسها التنفيذي فينيت بودكي، تدرك الاهتمام المتنامي والإمكانات المتزايدة في مجال أعمال البلوك تشين و”Web3″ في الشرق الأوسط”.
وواصل: “سيجري الرئيس التنفيذي للشركة في الأشهر المقبلة زيارةً إلى المملكة العربية السعودية لتقييم فرص الاستثمار فيها، في إطار التزامنا باستكشاف آفاق بناء شراكات جديدة في المنطقة”.
وأردف: “نؤمن بأهمية علاقات التعاون في دفع عجلة الابتكار وتعزيز النمو، والمساهمة في التطور المستمر لقطاعات البلوكتشين والعملات المشفرة في منطقة الشرق الأوسط. ونتطلع إلى التعاون مع المعنيين والشركاء المحتملين محلياً، واستكشاف آفاق الشراكات ذات المنفعة المتبادلة في المملكة العربية السعودية والمنطقة ككل”.
مستقبل التمويل اللامركزي والرموز غير القابلة للاستبدال
وبخصوص مستقبل التمويل اللامركزي والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال كيان إنه بحسب مؤشر تبني العملاء المشفرة العالمي 2022، تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إحدى أسرع أسواق العملات المشفرة نمواً.
وتابع: “شهدت المنطقة نمواً ملحوظاً بنسبة 48% بين العامين 2021 و2022. وتؤكد هذه المؤشرات تنامي اهتمام المنطقة بالأصول الرقمية وتقنية البلوك تشين، كما تتميز منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوجود نسبةٍ كبيرة من السكان من فئتي الشباب وذوي الملاءة المالية المرتفعة، مما يسهم في زيادة الإقبال على الاستثمارات والابتكارات التكنولوجية”.
وواصل: “تؤهل هذه العوامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتكون سوقاً مثالياً للنمو في مجال العملات الرقمية والتمويل اللامركزي، والرموز غير القابلة للاستبدال”.
ويرى كيان أن شركات العملات المشفرة والتمويل اللامركزي العالمية أدركت الإمكانات التي تتمتع بها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما أدى إلى عمليات توسع كبيرة في هذا المجال على مستوى المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وأدركت هذه الشركات الفرصة التي تتيحها المنطقة للاستفادة من قاعدة المستخدمين الناشئة والطامحة لاستكشاف عالم التمويل اللامركزي والعملات الرقمية.