أسعار السيارات في سوريا تخالف أي منطق فهي مستمرة في الارتفاع رغم قدمها وتهالكها وهي في الغالب موديلات قديمة تعود إلى ما قبل الحرب السورية التي بدأت في مطلع العام 2011.
وقالت صحيفة “تشرين” السورية في تقرير اليوم الأحد “فقط في سورية تُعمر السيارات، وترى في شوارعها موديلات من عام ١٩٧٠، ما زالت تُخدم أصحابها، وهي ليست رخيصة الثمن، إذا ما أخذنا في الحسبان عوامل عديدة، منها التوقف عن استيراد السيارات منذ ٢٠١١، واختلال سعر الصرف، والأهم من ذلك انخفاض جودة السيارات التي تم تجميعها محلياً”.
وأكدت الصحيفة الحكومية أن أصحاب المهن والأعمال الحرة يميلون إلى شراء السيارات المستعملة، لاستخدامها وسيلة لتجميد بعض الأموال الفائضة لديهم ليتم بيعها واستثمارها وقت الحاجة، وغالباً فإن الإقبال على السيارات الصينية والكورية أكثر من السيارات الفارهة لتوفر قطع الغيار الخاصة بها.
وأضافت أنه على عكس سوق المستعمل، فإن سوق الجديد يغص بأنواع كثيرة من السيارات الصينية التي ظهرت مؤخراً، وهذه السيارات لا تجد إقبالاً عليها سوى من المغتربين أو أصحاب رؤوس الأموال، فإحداها بيعت بمبلغ ٣٧٥ مليون ليرة (نحو 62 ألف دولار)، وهي مجمعة محلياً من واحدة من الشركات المعروفة.
وشهدت كثير من المدن السورية في الأعوام الأولى من الحرب السورية (2012 و2013 و2014) انخفاضاً في الطلب على السيارات وخاصة الفارهة منها وبالتالي شهدت أسعارها انخفاضاً واضحاً.
وقال نبيل خليل لأريبيان بزنس إنه اشترى في صيف 2014 سيارة هيونداي أفانتي موديل 2009 بمبلغ 1.6 مليون ليرة سورية وكان يعادل حينها أقل من 10 آلاف دولار، ولكنه حين باعها في مطلع 2018 أصبح ثمنها 7 ملايين ليرة وهو ما كان يعادل حينها 14 ألف دولار تماماً.
وأكد “خليل” أن قيمة السيارة الآن هو أكثر من 15 آلاف دولار (97 مليون ليرة).
ما سر ارتفاع أسعار السيارات في سوريا؟
لمعرفة أسباب ارتفاع أسعار السيارات في سوريا يجب في البداية معرفة أن هناك ندرة في استيراد السيارات في سوريا منذ بدء الأزمة السورية، فالحكومة تمنع الاستيراد بهدف “الحفاظ على القطع الأجنبي” لذلك فإن الغالبية العظمة من السيارات الموجودة في سوريا تعود إلى موديلات ما قبل بدء الأزمة السورية أي لسنة 2011 وما دون.
ويعد انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي سبباً ثانياً يرتبط بالأول، وهو ما يمكن شرحه من خلال معادلة السيارة السابقة: سيارة هيونداي (آفانتي) موديل 2009 ثمنها كان 600 ألف ليرة سورية حين كان الدولار يعادل نحو 50 ليرة نحو 12 ألف دولار، ولكن قيمة السيارة ذاتها حالياً أصبحت نحو 100 مليون ليرة (نحو 15300 دولار) وهي معادلة غير منطقية ومخالفة لأي منطق تجاري لأن السيارة أصبحت قديمة ومستعملة طيلة 15 عاماً، ومن المفترض أن يكون ثمنها أقل مما كان عليه في سنة 2009.
وقالت صحيفة “تشرين” أيضاً “فقط في سورية تُعمر السيارات، وترى في شوارعها موديلات من عام ١٩٧٠، ما زالت تُخدم أصحابها، وهي ليست رخيصة الثمن، إذا ما أخذنا في الحسبان عوامل عديدة، منها التوقف عن استيراد السيارات منذ عام ٢٠١١، واختلال سعر الصرف، والأهم من ذلك انخفاض جودة السيارات التي تم تجميعها محلياً”.
وأكد أصحاب مكاتب سيارات أن أرخص سيارة بيعت في وقت قريب وصل سعرها إلى ١٨ مليون ليرة (نحو 3 آلاف دولار) وهي من نوع فولكس فاغن- غولف موديل ١٩٧٣، في حين بيعت أغلى سيارة من نوع كيا فورتي ٢٠١٠ بسعر ١٣٥ مليون ليرة (نحو 22 ألف دولار).
وقالت الصحيفة أيضاً إن أصحاب المهن والأعمال الحرة يميلون إلى شراء السيارات المستعملة لاستخدامها وسيلة لتجميد بعض الأموال الفائضة لديهم ليتم بيعها واستثمارها وقت الحاجة، وغالباً فإن الإقبال على السيارات الصينية والكورية أكثر من السيارات الأوربية واليابانية لتوفر قطع الغيار الخاصة بها.
بيع سيارات مناطق قسد إلى مناطق سيطرة الحكومة
انخفضت أسعار السيارات في جميع أنحاء سوريا مع انطلاق الحرب وهجرة وفرار ملايين السوريين، وهو ما دفع عشرات الآلاف من أهالي مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو ما يعرف بمناطق “الإدارة الذاتية” خلال الأعوام 2013 و2014 و2015 و2016 إلى بيع سياراتهم لتجار معظمهم من حلب ودمشق نقلوها بدورهم إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية ليتم بيعها هناك بأسعار أكثر بكثير.
وتزامن ذلك مع دخول ملايين السيارات والمركبات الأوربية المستعملة بطرق غير شرعية إلى مناطق سيطرة “قسد” (شمال شرق سوريا) قادمة في البداية من لبنان وتركيا ولاحقاً من إقليم كردستان العراق شبه المستقل، وكانت أسعارها أدنى بكثير من مثيلاتها السورية.
وأصبح وجود سيارات نمرتها سورية نادر الوجود في كثير من مناطق سيطرة “قسد”، ولكن السيارات الجديدة التي صارت تعرف بـ “سيارات الإدخال” هي أحدث بكثير من السيارات السورية.
وما يثير الاستغراب أيضاً في سوريا هو أنه في السنوات الأولى من الحرب هبطت أسعار السيارات الفارهة وخاصة في المناطق النائية مثل مدينة القامشلي وعموم محافظة الحسكة وحتى غير النائية مقارنة بالسيارات الصينية والكورية.
وقال مراقب لأريبيان بزنس إن سبب انخفاض أسعار السيارات الفارهة الأوربية واليابانية مقارنة مع السيارات الرخيصة الثمن مثل السيارات الصينية والكورية في الأعوام 2012 و2013 و2014 هو تحول كثير من رجال الأعمال والأثرياء إلى تجنب ركوب السيارات الفارهة والاستعانة بسيارات كورية (مثل هيونداي إكسنت وفيرنا أو كيا ريو) كي لا تلفت سياراتهم النظر إليهم من قبل عصابات الخطف التي كانت تخطف الأثرياء بعد تتبع سياراتهم.