Posted inأخبار أريبيان بزنس

المستشفيات المصرية ترفض إجراء عمليات النساء دون موافقة أزواجهن

ترفض المستشفيات المصرية إجراء عمليات للنساء دون موافقة أزواجهن وهو ما يعرض حياة المصريات إلى خطر وربما الموت

رفض المستشفيات ربما يعرض حياة النساء في مصر إلى الموت

سلط تقرير حديث الضوء على ظاهرة رفض المستشفيات المصرية -الحكومية أو الخاصة- إجراء عمليات للنساء دون موافقة أزواجهن وسرد قصصاً لحالات عديدة كانت تقتضي إجراء العملية بغض النظر عن موافقة الزوج أو رفضه.

وقال تقرير موقع “إرم نيوز” الإلكتروني إنه رصد رفض مستشفيات خاصة وحكومية في القاهرة، إجراء جراحات لسيدات من دون موافقة مكتوبة من أزواجهن، مما عرض حياتهن للخطر، على الرغم من عدم وجود نص قانوني يفرض ذلك، وترجع تلك المستشفيات رفضها إلى قواعدها الخاصة، ما يتنافى مع الدستور المصري، الذي يجرم التمييز، وكذلك يتنافى مع الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق المرأة التي وقعتها الحكومة المصرية.

وكشفت دراسة للمجلس القومي للبحوث الاجتماعية في يناير/كانون الثاني 2022، أن 75 بالمئة من النساء المصريات يتعرضن للعنف، وخاصةً العنف المنزلي، وتنوعت مظاهره ما بين الإهانة اللفظية من الزوج والضرب، والتهديد بالطلاق، والتهديد بالحرمان من الأولاد، والمنع من زيارة الأهل وغيرها.

وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في 2021 تعرضت 31 بالمئة من النساء، سواء المتزوجات أو المطلقات في مصر، لنوع من أنواع العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي على أيدي أزواجهن.

وقالت حنان (42 عاماً) التي اتخذت قرارها النهائي بالانفصال عن زوجها الذي كان يعنّفها ويعتدي عليها “كنت فاكرة إني تخلصت منه للأبد، وخلاص مفيش رجعة”، لكنها وبينما كانت تنهي إجراءات الطلاق، داهمتها آلام، وظنت أنها بسبب الدورة الشهرية، ولكن بعد أن فحصها الطبيب أكد بأنها تعاني من ورم خبيث في الرحم، ويتطلب استئصال جزء منه.

بعد أن استفاقت من صدمة المرض، بدأت حنان إجراءات العلاج، وكانت البداية من الجراحة، توجهت إلى المستشفى، لكنها فوجئت بأنها لن تستطيع دخول غرفة العمليات من دون وجود زوجها، وتوقيعه بالموافقة.

حاولت حنان تأجيل الجراحة إلى ما بعد إنهاء إجراءات الطلاق، لكن الأطباء نصحوها بضرورة التعجيل، وحذروا من أن حالتها الصحية لا تسمح بالانتظار طويلاً، وطلبت من زوجها الحضور إلى المستشفى للتوقيع، لكنه رفض، وتدخل عديد من الوسطاء والأصدقاء، فاشترط التراجع عن طلب الطلاق وعودتها إلى المنزل، حتى يوقع لها.

فوجدت حنان نفسها محاصرة بين السرطان الرابض في أحشائها والزوج الرافض مساعدتها، وأمام إصابتها بنزيف شديد وتدهور حالتها الصحية، اختارت التخلص من السرطان، الذي كاد أن يفتك بها، وأذعنت لمطالب زوجها، ليوقع الزوج في النهاية على إقرار المستشفى.

غير قانوني

قال المحامي المتخصص في شؤون الأسرة محمد أنور إنه لا يوجد قانون أو تشريع يسمح للزوج بالوصاية على جسد زوجته، أو يمنحه حق الموافقة على إجراء أي عملية جراحية مهما كانت، وأن كل طلبات المستشفيات بوجود موافقة من الأزواج على إجراء أي جراحة لزوجاتهم، هي موافقات غير قانونية وغير واردة في أي تشريع مصري.

تأتي تلك المخالفات من المستشفيات في ظل توقيع الحكومة المصرية عام 1980 على اتفاقية “سيداو”، التي تقضي بضرورة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومنها التمييز في الرعاية الصحية، وتقر الدولة الموقعة على ضرورة تقديم الخدمات الصحية المناسبة لتحقيق المساواة بين الجنسين.

تجربة عملية

أكد التقرير تواصله مع عينة عشوائية مؤلفة من 50 مستشفى، ما بين حكومي وخاص في القاهرة، رفض معظمها إجراء عمليات للزوجات دون الحصول على موافقة أزواجهن، وذلك بعد أن اختلقت رواية عن سيدة حالتها الصحية حرجة، ولابد لها من إجراء جراحة سريعة لإنقاذ حياتها، وزوجها يعيش خارج البلاد وغير قادر على العودة.

وأوصف التقرير موقف المستشفيات بـ “تعنت واضح في العمليات الجراحية المتعلقة بالصحة الإنجابية، في حين تساهلت بعض المستشفيات في جراحات أخرى، مثل الزائدة الدودية أو جراحات القلب والأوعية الدموية”.

اعتداءات على الطاقم الصحي

تتعرض المستشفيات والأطباء في مصر لاعتداءات مستمرة من ذوي المرضى، في ظل عدم وجود قوانين تردع المعتدين في التشريعات الحالية، وتقتصر عقوبة الاعتداء على الأطباء والمستشفيات على غرامة لا تتجاوز 200 جنيه، لذلك تتخوف المستشفيات من الدخول في مشكلات مع الأزواج وذوي السيدات، حسب الدكتورة عبلة محمود، استشاري أمراض النساء والتوليد والتي أكدت أن الأزواج بمجرد معرفتهم بإجراء زوجاتهم عمليات جراحية للتوقف عن الإنجاب، يلقون بكامل اللوم على الأطقم الطبية، التي أجرت تلك الجراحة، وربما تتطور تلك المشكلات إلى الاعتداء على الأطباء والممرضات بالضرب. 

في مارس/آذار 2022، انتشر وسم #جسد_مريم_ملك_لها على تويتر، وهي فتاة تبلغ 25 عاماً، تعاني من ورم خبيث يستدعي استئصال الرحم، لإنقاذ حياتها، لكن جميع المستشفيات رفضت إجراء الجراحة وطالبت بموافقة مكتوبة من زوجها الذي ماطل في ظل طلب مريم الخلع منه.

وكان انتشار الوسم سبباً في إنقاذ حياتها، بعد أن تبنى عدد من المشاهير الحملة، التي لاقت انتشاراً واسعاً، حتى وافق أحد الأطباء على إجراء الجراحة على مسؤوليته الشخصية، دون الحصول على موافقة الزوج.

حق في الصحة ولوائح داخلية

يمنح الدستور المصري الحق لكل مواطن في الحصول على الرعاية الصحية، ويجرم الامتناع بأي شكل من الأشكال عن تقديمها، وذلك وفق المادة 18، التي تنص على “يُجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة”.

غير أن تلك المادة ليست مفعلة على أرض الواقع، فلا توجد تشريعات رادعة لرفض تقديم الطواقم الطبية الخدمات الصحية للمواطنين، لذلك تستغل المستشفيات هذا الفراغ التشريعي، لوضع لوائح خاصة وقواعد مثل وجود وثيقة موقعة من الأزواج بموافقتهم على إجراء أي جراحات لزوجاتهم.

وأكد معدو تقرير إرم نيوز أنهم تواصلوا مع وزارة الصحة المصرية للرد على تلك الوقائع التي جرى بعضها داخل المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة، وبعضها الآخر في مستشفيات خاصة، دون أن ترد عليهم الوزارة.

ولكن خالد سمير؛ العضو مجلس نقابة الأطباء المصرية أقر أن هناك اتفاقاً بين الأطباء والمستشفيات على الحصول على موافقة الزوج فيما يخص إجراء أي جراحة تتعلق بالحياة الإنجابية، بل ودافع عن القرار، وقال إن الأطباء يواجهون غضب الأزواج إذا أجروا أي جراحة دون موافقتهم أو علمهم، ويصل الأمر إلى لجوء بعض الأزواج لمقاضاة الأطباء والمستشفى.

وأشار سمير إلى حالات ولادة متعثرة تنتهي بنزف شديد، الأمر الذي يتطلب إجراء جراحة في حينها وإزالة الرحم لإنقاذ حياة الأم، ولكن إذا قرر الطبيب ذلك لإنقاذ حياة الزوجة دون الرجوع للزوج، يصب الزوج غضبه على الطبيب ويمكن أن يصل الأمر لمقاضاة الطبيب، الذي كان كل غرضه هو إنقاذ حياة الزوجة.

وأضاف أنه “لا توجد لائحة في نقابة الأطباء تنص على هذا الأمر، إلا أن هناك مشكلات سابقة، لذلك أصبح الأطباء يطالبون بتلك الموافقة المكتوبة”، أما في حالة غياب الزوج، قال إن الأمر “يتطلب وجود شهادة من اثنين من الأطباء الاستشاريين، يؤكدون فيها على ضرورة إجراء الجراحة لوجود خطر على الحياة، ويوضحان في تقريرهما أنه لا يمكن انتظار وجود الزوج”، وفي هذه الحالة يجري الطبيب الجراحة بعد اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة.

إلا أن المستشار صلاح الطحاوي، أستاذ القانون الدولي والمُحكم بوزارة العدل المصرية، يقول إنه في حالة امتناع الطبيب عن إجراء عملية جراحية لمريض إلا بعد الحصول على الموافقة الكتابية المطلوبة، وكانت هذه العملية هامة وخطيرة ويترتب على عدم إجرائها تهديد حياة المريض وحدثت الوفاة، فإن هذا الطبيب، يُسأل جنائياً، ويُعاقب بتهمة القتل بالترك أو الامتناع، وهذا وفقاً لمواد قانون العقوبات المصري.

وأضاف أن الموافقة الكتابية لا تحمي الطبيب من المساءلة القانونية في حالة الخطر أو في حالة وجود خطأ مهني من جانب الطبيب للمريض، إلا أن هذه الموافقة هي إجراء روتيني مُتبع في كثير من المستشفيات، خاصة في العمليات الصعبة، ويفترض أنه قبل إجراء العمليات الجراحية عموماً سواء كانت لرجل أو امرأة، إخبار المريض بخطورة العملية، بل لابد أيضاً من الحصول على موافقة المريض ذاته، وليس من الزوج.

ويناقش مجلس النواب المصري (البرلمان)، منذ ست سنوات، قانون المسؤولية الطبية الذي يجرم امتناع الأطباء عن تقديم الخدمات الصحية، ويضع أيضاً عقوبات رادعة على أي محاولة للاعتداء على الأطباء.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا