Posted inصوت الشركاءآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنسشركات

الدكتور زياد خلف ورحلة التحول إلى العالمية.. التحديات تصنع الرؤية والفرص تصنع المستقبل

يعود تاريخ مجموعة ZK القابضة إلى ستون عاما، حينما أطلقت عائلة خلف عبد كريم شركة مقاولات في العراق، استطاعت أن تتحوّل خلال سنوات إلى إحدى أكبر الشركات في مجالها.

زياد خلف
زياد خلف

في قلب المشهد الاستثماري في المنطقة، يبرز اسم الدكتور زياد خلف بوصفه رئيس مجلس إدارة “مصرف التنمية الدولي” ورئيس مجموعة “ZK القابضة”. تأسست المجموعة على إرثٍ عائلي عريق يمتد لستة عقود، تطوّر عبر الزمن من شركة مقاولات إلى كيان استثماري متكامل.

اليوم، “ZK القابضة” الأماراتية التي تتخذ من أبوظبي مقرًا لها، تتعاون مع علامات تجارية في مختلف القطاعات المالية والصناعية والتكنولوجية واللوجستية، ساعية إلى تقديم قيمة مستدامة لمستثمريها والمساهمة في دفع عجلة النمو الاقتصادي في المناطق التي تعمل بها. تحت مظلة هذه المجموعة، تتفرع شركات شقيقة ذات خبرة طويلة وسجل حافل بالمشاريع الناجحة، حيث تمزج بين المرونة في اتخاذ القرارات والتوجهات العالمية الحديثة في إدارة الأعمال.

كان الوقت قد تجاوز منتصف اليوم حين جلست أخيراً مع الدكتور زياد خلف في قاعة اجتماعات زجاجية أنيقة تطل على منطقة أبراج بحيرات جميرا في دبي. طويل القامة وهادئ الملامح، يستقبلك بابتسامة دافئة ومصافحة واثقة، في تباينٍ واضح مع زخم الأعمال والمشاريع التي يديرها. ما بدأ كنقاش سريع حول مجموعة ZK القابضة، تحوّل سريعاً إلى غوص عميق في تاريخ عائلي عريق ورؤية متقدّمة للعصر الرقمي، تتنقل بين ضفاف دجلة ومبان شاهقة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

حيث تلتقي قرارات حاسمة بمجموعة استثمارات متعددة القطاعات،  ينشغل فريق عمل بوضع خطط وتصورات تشمل القطاع المالي والتأمين والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية والصناعة والطاقة. ورغم أنّ كثيرين يردّدون اسم الدكتور زياد خلف عند الحديث عن نجاحات هذه المجموعة، فلا شك أن الرجل نفسه يصرّ دائماً على إبراز دور الفريق والعمل المؤسسي أكثر مما يسلّط الضوء على شخصه. ومع ذلك، فإنّ بصمته تظل حاضرة في بناء الرؤية التي أوصلت المجموعة إلى ما هي عليه اليوم.

سمعت لأول مرة عن الدكتور زياد خلف قبل سنوات، عندما كان اسمه يتردد كلما دار الحديث عن الأسواق العراقية الصاعدة، والتقنيات المالية الحديثة، أو المصارف العابرة للحدود. على مرّ الوقت، أصبح مرادفاً لمفاهيم كالمثابرة والجرأة والتحدي والرغبة في تحديث البنية التحتية المالية في المنطقة. بعضهم وصفه بأنه من الجيل الجديد لرجال الأعمال في الشرق الأوسط، الذين يحملون رؤية عالمية متكاملة ولكنها تستند في الوقت ذاته إلى الواقع المحلي. آخرون ألمحوا إلى قصة متجذرة في إرث عائلي، صقلتها تحديات اقتصادية معقدة. وصلت إلى مكتبه وفي ذهني أسئلة كثيرة، لأجد أمامي حكاية تتجاوز مفاهيم النجاح المبهر أو الصعوبات العابرة.

يعود تاريخ مجموعة ZK القابضة إلى ستون عاما، حينما أطلقت عائلة خلف عبد كريم شركة مقاولات في العراق، استطاعت أن تتحوّل خلال سنوات إلى إحدى أكبر الشركات في مجالها. وعندما يُسأل الدكتور زياد خلف عن هذه الفترة، يجيب بابتسامة هادئة: “ما ورثناه من تلك المرحلة هو قدرة العائلة على المرونة وسرعة التكيّف. وهذا الدرس رسّخ لدينا أهمية البحث عن فرص جديدة في قطاعات مختلفة، وعدم الاكتفاء بنجاحٍ أُحادي الجانب.”

نقطة تحول… مصرف التنمية الدولي

وُلدت فكرة استراتيجية للتوسّع نحو عالم المال والأعمال. بحلول عام 2011، قررت العائلة دخول قطاع الخدمات المالية، واستحوذت على أكبر حصة في مصرف التنمية الدولي (IDB) داخل العراق. يعلّق الدكتور خلف على هذا القرار قائلاً: “أدركنا أننا لو أردنا المساهمة فعلياً في تنمية الاقتصاد العراقي، علينا أن نعزز القطاع المالي، لأنّه يشكّل قاطرة لباقي القطاعات.”

تحول مصرف التنمية الدولي إلى محور أساسي في رؤية المجموعة. ففي بيئة مصرفية عراقية تواجه تحديات تتعلّق بالحوكمة والرقمنة، اعتمد المصرف معايير بازل III في إدارة المخاطر، والتزم بقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفقاً لأفضل الممارسات الدولية.

ويرى الدكتور خلف أنّ هذه الخطوات عزّزت سمعة المصرف ومكّنته من اجتذاب ثقة الشركاء الدوليين: “نحن نعمل في سوق يحتاج إلى إدارة مالية شفافة، ولذلك وضعنا منذ البداية معايير عالية لا يمكن التنازل عنها في عملنا.”

خلال سنوات قليلة، حقق المصرف ما يشبه القفزة النوعية، خاصة بعد أن افتتح أول فرع له في دولة الامارات العربية المتحدة، وحصل على الترخيص المصرف المركزي الإماراتي، ليكون بذلك أول بنك عراقي يباشر أعماله في أمارة دبي. ويركز المصرف عمله في الامارات على دعم الشركات الإماراتية التي تنوي الاستثمار والعمل في العراق، ويوفر التسهيلات للمستثمرين، اضافة الى ذلك يستهدف المصرف بشكل عام الشركات، لاسيما التي لديها أعمال في السوق العراقية.

وذكر خلف أن المصرف يعمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والعراق ودعم الفرص الاستثمارية المشتركة، مشيرا إلى ان النمو في حجم التبادل التجاري بين الإمارات والعراق بلغ %41 ليصبح العراق الوجهة الأولى للصادرات الإماراتية، وقد تمكن مصرف التنمية الدولي من المساهمة بما لايقل عن %15 من حجم التبادل التجاري السنوي بين الإمارات والعراق، مما يعكس دوره المحوري في تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.

يقول الدكتور خلف: “الانتقال إلى الامارات لم يكن مجرد تفصيل جغرافي، بل خطوة استراتيجية تعكس حرصنا على ربط الاقتصاد العراقي بالأسواق العالمية، ويؤكد الدكتور خلف أنّ عمل المصرف على مدار عامين في دولة الإمارات مكننا أن نكون الجسر المالي الرائد بين جمهورية العراق ودولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام وتحقيق الازدهار المشترك، وذلك من خلال تقديم حلول مصرفية مبتكرة للشركات وخدمات متميزة، مع الالتزام بأعلى المعايير والممارسات العالمية.

مضيفا “منذ زمن طويل، يتطلع المستثمرون العراقيون إلى بوابات أوسع تُكمل متطلبات السوق المحلي. وعندما جاء دورنا، حرصنا على توفير الأدوات المالية والرقمية التي تسمح بتدفق رؤوس الأموال بين العراق والإمارات بسلاسة وأمان.”

Ziad Khalaf

توسع المصرف نحو السوق الإماراتي لم يأت من فراغ، بل من واقع أن الاقتصاد الإماراتي الذي واصل خطّه الصاعد نحو التحول إلى مركز عالمي للتجارة والاستثمار، إذ حقّقت الإمارات نقلات نوعية في تطوير بنيتها التحتية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

هذا التنوع الاقتصادي، مصحوباً بسياسات تدعم الابتكار والشراكات الدولية، جعل الإمارات لا تتبع النمط التقليدي للاقتصادات المعتمدة على النفط، بل أضحت بفضل رؤيتها المستقبلية، بيئة جذابة لأبرز المستثمرين والشركات من مختلف أنحاء العالم ومن ضمنها مصرف التنمية الدولي، حيث استشعر الدكتور زياد حجم الإمكانات التي توفرها السوق الإماراتية والدور الذي يمكن للمصرف أن يلعبه في تعزيز التبادل التجاري بين العراق والإمارات وتعزيز التكامل الاقتصادي والشمول المالي.

التحوّل الرقمي والشمول المالي

لا يتوقف طموح المجموعة عند مجرد تعزيز العمليات المصرفية التقليدية. فمنذ عام 2014، أسّست المجموعة شركة (Arab Payment Services (APS، التي أدخلت أنظمة الدفع الإلكتروني في سوق عراقي يعتمد منذ زمن طويل على المعاملات النقدية. يُشدّد الدكتور خلف على أنّ هذه النقلة لم تكن مجرد إضافة خدمة تجارية، بل تغييرٌ في الثقافة المالية: “كل معاملة تنتقل من النقد إلى الأنظمة الإلكترونية هي خطوة نحو الشمول المالي والابتكار الرقمي. وكنّا ندرك أنّ نقل المصرف إلى الإمارات سيوفّر خبرات وتقنيات تساعدنا في نشر هذه الخدمات.”

المتابعون يرون أنّ هذا التوجّه الرقمي مكّن المصرف من مواكبة أحدث المعايير العالمية، فالتحويلات الإلكترونية تشجّع الشركات العالمية على دخول السوق العراقية، بعدما كانت تتحفّظ سابقاً بسبب غياب بيانات دفع موثوقة. ويشير الدكتور زياد إلى أنّ توسيع نطاق الشمول المالي في العراق يهدف إلى دمج المؤسسات الصغيرة في المنظومة المصرفية، مما يخلق اقتصاداً أكثر استقراراً ويحفّز الاستثمار.

يمكن وصف ZK القابضة بأنها “قطع البازل المتكاملة”: فالمصرف يمول مختلف الأنشطة، وتقدّم شركتا الشرق والعالمية للتأمين شبكات أمان ضرورية لحماية الأفراد والشركات، بينما تعزز Arab Payment Services التحوّل الرقمي. ولكن الصورة لا تكتمل من دون ذكر القطاع الصناعي، إذ تمتلك المجموعة مصانع لإنتاج الأسفلت، ومصانع للمواد الأولية وتعمل على بناء أكبر مصنع للزجاج في الشرق الأوسط لانتاج العلب الزجاجية.

يوضّح الدكتور خلف أنّ المجموعة تنظر إلى الاقتصاد العراقي بوصفه بحاجة إلى بنية تحتية تبدأ من تأسيس نظام مصرفي متين، وتمرّ بالخدمات التأمينية، وتتوقف عند توفير الطاقة ومنتجات صناعية،  “لقد اختبرنا السوق العراقية عن قرب، وأدركنا أن كل حلقة من حلقات الإنتاج والصناعة والتمويل والتأمين بحاجة إلى دعم حقيقي. فلا عجب أن تجد كل هذه القطاعات ضمن حقيبتنا الاستثمارية.”

ارتباط الخبرات العراقية بالفرص العالمية

كان اختيار مجموعة ZK القابضة لمدينة أبوظبي مقراً لها، خطوة استراتيجية وفّرت للمجموعة دعماً استثمارياً لا غنى عنه. يشير الدكتور خلف إلى أنّ هذا الموقع يعزّز جسور التواصل مع بقية الأسواق العالمية ويساهم في نقل الخبرات العالمية إلى السوق العراقية، مما يساهم في وضع العراق على خارطة الاستثمار الدولية، خصوصاً أنّ جزءاً من رؤية المجموعة يتمثّل في إيجاد فرص توسّع في أوروبا وإفريقيا: “نحن نبحث باستمرار عن أسواق ناشئة يمكننا فيها تقديم خدماتنا المالية أو التأمينية أو اللوجستية، ونعرف أن الابتكار هو الورقة الرابحة في
تلك الأسواق.”

ويشير الدكتور خلف بشغف إلى أن شراكة مع “أرامكس” في قطاع الخدمات اللوجستية، بهدف دعم منظومة الشحن وسلسلة التوريد داخل العراق. “إذا أردت اجتذاب المستثمرين الدوليين، فعليك تقديم بنية تحتية لوجستية موثوقة. ولهذا وجدت أننا بحاجة إلى شريك عالمي مرموق يُكمل خبراتنا المحلية.”

وبالعودة إلى شركات التأمين، يُبرز أهميتها في بلد غالباً ما يعاني فيه الأفراد والمؤسسات من غياب الغطاء التأميني الكافي. يؤكد الدكتور خلف أن الاقتصاد لا يُمكنه أن يتطور دون شبكة أمان تحمي الأصول والمشروعات. “شهدنا مواقف حقيقية تكبّدت فيها عائلات وشركات خسائر فادحة بسبب غياب التأمين. لذا، رأينا أنه لا بد من تقديم منتجات تغطي الحياة والصحة والأصول، وتتوافق مع احتياجات الناس في العراق.”

وساعد ربط قطاعي المصارف والتأمين على تسهيل تمويل مشاريع عقارية وصناعية وخدمية كثيرة، خصوصاً مع توافر الحماية التأمينية المطلوبة. إذ توفّر شركات التأمين التابعة للمجموعة تغطيات متنوّعة تحفّز ثقة المستثمرين.

انعكاسات الشراكة على الاقتصادين العراقي والإماراتي

التبادل التجاري بين العراق والإمارات بلغ مستويات غير مسبوقة، ويُعزى جزء كبير من ذلك إلى توفر قناة مصرفية شفافة، حيث تبنى مصرف التنمية الدولي أحدث الضوابط الدولية، التي ساهمت في تسهيل %15 من حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث تعد دولة الأمارات واحدة من اهم المراكز التجارية العالمية وهي الشريك التجاري الاول للعراق.

جهود واضحة لمصرف التنمية الدولي في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، من خلال الدعم المستمر لرجال الأعمال والشركات العراقية والاماراتية في أعمالها التجارية لتحقيق توأمة اقتصادية متكاملة بين البلدين الشقيقين، هذه النقلة ما كانت لتحدث لو لم يحرص المصرف على بناء سمعة مهنية دولية، عبر الالتزام بالقواعد التنظيمية في الإمارات والعراق على حدّ سواء، ومن خلال تقديمه خدمات مصرفية متكاملة تستقطب اهتمام الشركات الكبرى.

كما أن وجود المصرف في الامارات واحدة من أبرز مراكز التجارية العالمية  أعطاه أفضلية في توفير التمويلات التي يحتاجها مستثمرون إماراتيون للدخول إلى السوق العراقية، أو تلك التي يحتاجها رجال أعمال عراقيون للسعي نحو فرص في الإمارات.

وما إن يتحدث عن الطاقة، حتى يتجلّى جانب أكثر طموحاً في رؤيته. ففي وقتٍ اعتادت فيه المنطقة على النفط والغاز، يؤكد الدكتور خلف أهمية التحوّل نحو الطاقة الشمسية والمستدامة. بالنسبة له، مستقبل الاقتصاد مرتبط بمدى التزامه الحلول الخضراء. يقول: “لا يمكن أن نحقق نمواً مالياً حقيقياً من دون نظام طاقة مسؤول بيئياً. لقد بدأنا بالفعل في استكشاف مشروعات شمسية ونماذج شراكات عالمية لدعم هذا التحول.”

و إدراكًا لمسؤوليتنا المجتمعية والتزامنا بدعم التنمية المستدامة، أسسنا شركة الأولى لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ولتقديم حلول مالية مبتكرة من خلال توظيف قدراتنا وإمكاناتنا لخدمة المجتمعات المحلية في العراق، مع التركيز على تطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال التمويل.

حين سألته عما يريد تركه من إرث في عالم المال والأعمال، لم يتحدث عن إنجازات شخصية أو قوائم أرباح. بدت إجابته متجهة نحو الأثر المجتمعي: “أتمنى أن أشهد قطاعاً مالياً قوياً في العراق، يشجع ريادة الأعمال ويعزز الابتكار ويدعم الشباب ويمكنهم. لا أريد فقط تكوين ثروات، بل أريد للمؤسسة أن تسهم في بناء صورة مختلفة للعراق والمنطقة.”

أسلوب قيادة يدمج التفويض والاستثمار في الكفاءات

يتبع الدكتور خلف منهجاً قائماً على توزيع الصلاحيات، مع الحفاظ على القرارات الاستراتيجية في أيدي مجلس الإدارة. يقول الدكتور خلف في هذا السياق: “لا يمكن لذراعٍ أن تعمل منفصلة عن الأخرى. لدينا هيكل رقمي يزوّدنا بمؤشرات فورية عن أداء القطاعات والشركات، مما يساعدنا في اتخاذ قرارات أسرع وأكثر دقة.”

وتنسجم هذه الرؤية مع ضرورة الاستثمار في الكادر البشري، إذ يعدّ موظفو المجموعة الثروة الحقيقة والعامل الرئيسي في نجاحها. يلفت القائمون على التوظيف أن المجموعة تحرص على توظيف كوادر قادرة على التأقلم مع التحولات السريعة، لا سيما في مجالات التكنولوجيا المالية والطاقة. فالأسواق في حالة تغير مستمر، ومن لا يواكب التقنيات الحديثة، يخاطر بالبقاء في الخلف.

رغم أن التركيز الأكبر في هذه المسيرة ينصبّ على الأعمال والمشروعات الاستثمارية، إلا أن للدكتور زياد خلف حضوراً بارزاً في المؤسسات الدولية. فهو عضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بجنيف، وعضو مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية،  وعضو مجلس إدارة غرفة التجارة الدولية/الإمارات العربية المتحدة (ICC) وعضو مجلس ادارة الإتحاد الدولي للمصرفين العرب، يراه البعض “رجل الأدوار المتعددة”، بينما هو يرى انه لديه رؤية استثنائية وكل هذا مجرد نافذة للتأثير الإيجابي وتبادل الخبرات. 

تعميق الشمول المالي واستشراف المستقبل

لا يُقصر مصرف التنمية الدولي خدماته على الشركات الكبرى، بل يضع الشمول المالي على رأس أولوياته فهو يوفر خدمات مالية تناسب جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الأفراد والشركات، ويُظهر الدكتور خلف عزماً حقيقياً على إطلاق خدمات تستهدف الشرائح الأقل حظاً في العراق، من خلال تسهيلات دعم مشاريع الشباب وتمكين الاعمال الصغيرة وفتح الحسابات وتوفير المنتجات التأمينية البسيطة. ويرى أن هذا التوجّه سيعزّز التنمية الاقتصادية، لأن تمكين الفئات المختلفة من المجتمع وتحفيز ريادة الأعمال هو ما يخلق دورة اقتصادية حيوية ومستدامة.

العراق .. فرص وآفاق عالمية

على مدى عقود، ظل العراق بعيداً عن منصات الاستثمار الدولية، لكن الخطوات التي تقودها مجموعة ZK القابضة، وعلى رأسها مصرف التنمية الدولي، تفتح احتمالاً جدياً لربط البلاد بالأسواق العالمية، مستفيدا من وجوده في دولة الامارات العربية المتحدة، وبقدر ما يعكس هذا الحراك الاقتصادي رؤية تتبنّى الشمول المالي والحوكمة العالمية، يقول الدكتور خلف في حديثه عن تطلّعاته المقبلة: “عندما ننظر إلى حصيلة نشاطنا في السنوات الأخيرة، ندرك أن العراق لديه رأس المال البشري والفكري اللازم للنهوض. المهم هو مواصلة العمل وفق أفضل المعايير العالمية. نريد أن تكون مؤسساتنا قادرة على تشجيع ريادة الأعمال وتعزيز الابتكار، ونسعى لتوفير شبكة اعمال مصرفية متكاملة تدعم المستثمرين في العراق، مما يسهل عليهم التوسع محليًا والتواصل الفعّال مع الأسواق الإماراتية.”

يبدأ يومه في الصباح الباكر، كما أخبرني، ليراجع التقارير والبيانات العالمية قبل أن يبدأ جدول الاجتماعات المكثف. يمارس الرياضة بانتظام، ويخصص وقتاً للعائلة، معتبراً ذلك جزءاً من استراتيجيته للحفاظ على الذهن صافياً. هذه العادات توحي بانضباط شديد، لكنه مترافق مع مرونة في التعامل مع تحولات السوق. “الأزمات الاقتصادية حاضرة في منطقتنا. تعلمت ألا أعتمد على مسار واحد. كلما نوّعت في الاستثمار، كنت أكثر قدرة على مواجهة التقلبات.”

هكذا تُلخَّص مسيرة هذه المجموعة: بدءاً من إرث عائلي في قطاع المقاولات بالستينيات، وصولاً إلى التحوّل صوب قطاع مالي حديث، ونقل التجربة العراقية إلى سوق عالمية كالإمارات. كل ذلك معتمد على الركائز المتمثلة بالشمول المالي، وعلى الشراكات التي توسّع تدفق الأموال وتعمّق الثقة بالاقتصاد العراقي. وقد ظهر أنّ هذه الرؤية ليست مجرد شعارات، بل واقع تنعكس نتائجه في أرقام التجارة والاستثمار بين العراق والامارات، وفي جهود الجمع بين الخبرات العراقية والفرص العالمية.

فالقصة هنا ليست قصة رجلٍ أعمال، وإن كان الدكتور زياد خلف هو من وضع معالمها الأولى وخطّ لها مساراً طموحاً. إنها قصة بناء منظومة اقتصادية متكاملة لا تزال تتطوّر، في محاولة لجعل اسم العراق، من خلال هذه المجموعة، حاضراً في المشهد المالي الإقليمي والعالمي.

ومن يتابع مؤشرات النمو والشمول المالي يدرك أن الدرب قد يكون طويلاً، لكنه يمهد لطموحات تتجاوز الحدود، آخذةً معها الإرث المالي والصناعي والبنية المالية والتأمينية إلى مراتب أعلى من التعاون العالمي. كلّ خطوة مدروسة اليوم في سبيل دمج الأموال والاستثمار والتحوّل الرقمي تسهم في تقريب العراق من هدفه الأكبر: الانضمام إلى مصاف الأسواق الواعدة، واستقطاب شرائح أوسع من المستثمرين، وجعل التنمية المالية والاقتصادية واقعاً لا يقتصر على النخب. وبتعبير الدكتور خلف ذاته: “من يحلم بمستقبل أفضل، يجد السبيل في بناء القطاعات الإنتاجية وربطها ببنية مالية ومصرفية متينة. لا يكفي بناء المصانع أو وضع النقود في بنك؛ يجب أن تُوفَّر الثقة، وعبرها تُفتح بوابات التعاون مع أسواق كانت بعيدة عنا لعقود.”

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
مجد البهو

مجد البهو

مجد البهو، رئيس تحرير مجلة "أريبيان بزنس"، هو خريج في الصحافة مع تخصص فرعي في العلوم السياسية من جامعة بيرزيت في...