في مفارقة تكنولوجية مثيرة، أثبتت دراسة حديثة أن نموذج الذكاء الاصطناعي “GPT-4.5” لم ينجح فقط في خداع البشر بأنه واحد منهم، بل تجاوزه إلى حد التفوق عليهم في تقمّص صفاتهم.
نموذج “OpenAI” الجديد استطاع أن يتخطى اختبار تورنغ الشهير، وهو الاختبار الذي ابتُكر لتمييز الذكاء الاصطناعي من الإنسان.. لكن هذه المرة، كانت النتيجة صادمة.
اختبار تورنغ
ابتكر آلان تورنغ اختباره في منتصف القرن العشرين، بهدف قياس مدى قدرة البرامج الحاسوبية على محاكاة الذكاء البشري.
كان السؤال بسيطًا: “هل تستطيع التحدث مع برنامج دون أن تعرف أنه ليس إنسانًا؟” لكن اليوم، ولأول مرة بهذا الوضوح، يصبح الجواب: نعم، وبثقة عالية.
نتائج أربكت الجميع

في دراسة أولية تنتظر مراجعة علمية، خُضع “GPT-4.5” لاختبارات تفاعلية مع البشر، وتم منحه شخصيات محددة ليتقمصها خلال المحادثات. المفاجأة؟ في 73% من الحالات، اعتقد المشاركون أنهم يتحدثون إلى إنسان حقيقي.
للمقارنة، المعدل الطبيعي المتوقع في مثل هذه التجارب لا يتجاوز 50%، أي أن الذكاء الاصطناعي لم يمر فقط… بل تفوق بامتياز.
ماذا عن نماذج الدراسة؟
وفقا لصحيفة “نيوزويك”، الدراسة شملت نماذج متعددة، مثل “LLama 3.1-405B” من ميتا، و”GPT-4o”، وحتى النموذج التاريخي “ELIZA” من ستينيات القرن الماضي.
وعند منح كل نموذج شخصية، مثلاً شاب مثقف من الجيل الرقمي، أظهر “GPT-4.5” تفوقًا واضحًا.
لكن حين جُرّد من الهوية، تراجع أداؤه إلى 36%. أما “GPT-4o”، فقد سجّل نسبة أقل وصلت إلى 21%، وتفوق عليه “ELIZA” بنسبة 23%.
لحظة فاصلة في تاريخ التقنية

كارستن جونغ، المتخصص في الذكاء الاصطناعي من المملكة المتحدة، يرى أن ما حدث يتجاوز مجرد تطور تقني، بل يشير إلى تحوّل نوعي في العلاقة بين الإنسان والآلة.
يقول: “لقد أصبح الذكاء الاصطناعي مقنعًا إلى درجة أن الناس لا يستطيعون تمييزه عن البشر. بل إنهم، في بعض الحالات، وجدوه أكثر إنسانية من الإنسان نفسه.”
ماذا عن المستقبل؟
هذا النوع من النتائج يفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول ماهية الإنسان، وحدود الذكاء، وأين يمكن أن يقودنا هذا التطور.
فهل نحن على أبواب عصر تتغير فيه معايير الإنسانية؟ وهل نملك ما يكفي من الوعي للتعامل مع آلات تتقن التمثيل أكثر منا؟