Posted inكرة قدم

الحارس المغربي بونو.. من الظل إلى العالمية  

أول لقاء مع النجم الرياضي المغربي ياسين بونو بعد كأس العالم على الرغم من أنه فارع الطول نجح النجم الصاعد ياسين بونو في البقاء في الظل نسبياً - حتى الآن.

على الرغم من أنه فارع الطول نجح النجم الصاعد ياسين بونو في البقاء في الظل نسبياً – حتى الآن.

بقلم سميرة العروسي

الأسطورة الأمازيغية لأطلس، كناية عن عملاق، أذرعه ممتدة على مدى واسع، تغطي الصخور والصحاري والجبال من المحيط الأطلسي إلى البحر الأبيض المتوسط – تعتبر تشبيهاً مثالياً لياسين بونو، حارس مرمى منتخب المغرب لكرة القدم البالغ من العمر 31 عاماً.

يمتد على مسافات شاسعة، وكان يُعتقد أن إطار الأطلس يستخدم للحفاظ على سلاسل الجبال من الريف إلى الأطلس، ومن هنا جاءت تسميته. يبلغ طول بونو 6 أقدام و 5 بوصات، بأطراف رشيقة وشعر أسود مرن، وأصبحت الحالة الجسدية المتفوقة للحارس بونو مادة رياضية دسمة خلال كأس العالم. اعتراض الكرات من الخصم دون عناء، حتى مباراة نصف النهائي لأسود الأطلس ضد فرنسا، لم يستقبل بونو هدفاً واحداً، مما جعله أول حارس مرمى أفريقي يحقق ثلاث مباريات نظيفة دون ان تتلقى شباكه أي هدف في كأس عالم واحد.

أشاد موقع “غول.كوم” بالحارس المغربي باعتباره “قوة راسخة”، والآن في سباق للحصول على جائزة أفضل حارس مرمى من الفيفا – بعد أن أشاد به الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم باعتباره ثالث أفضل حارس مرمى في العالم – لا ينبغي أن يكون مفاجأة أن مكانته في تاريخ كرة القدم باتت راسخة بقوة. صنفته صحيفة “الجارديان” قبل كريستيانو رونالدو ضمن أفضل 100 لاعب كرة قدم في العالم. ويشاع الآن أن أندية كثيرة وفي طليعتها مانشستر يونايتد إلى مانشستر سيتي وريال مدريد إلى توتنهام هوتسبر تتنافس لضم بونو إلى صفوفها.

دور حاسم في هزيمة إسبانيا وبلجيكا والبرتغال

لم يسهم زوده عن مرماه بطريقة خالية من الأخطاء في لعب دور حاسم في هزيمة إسبانيا وبلجيكا والبرتغال فحسب، بل وضع أيضاً اللاعب اللطيف في دائرة الضوء العالمية – وهي فكرة لا يزال يجد صعوبة في تقبلها. “لا أستطيع أن أقول إنني في دائرة الضوء العالمية”، يقول بونو المتواضع، متحدثاً إلى مجلة GQ في أول مقابلة رئيسية له منذ كأس العالم. “بلدي الحبيب وعلمنا المغربي في دائرة الضوء العالمية، وهذا شرف كبير. أنا سعيد حقاً بإنجازاتنا كفريق، ونحن متواضعون للغاية ومتحمسون لتحقيق المزيد من النجاحات”.

ينحدر والد بونو من بلدة تاونات الجبلية، على المنحدر الجنوبي لجبال الريف، ويطل على وادي أسرى، حيث الأرض غنية بالزيتون والكرز. وعلى غرار العديد من المغاربة القرويين في الخارج، تركت عائلة بونو جذورها سعيا وراء فرصة خارج المجال الزراعي. وبعد أن أمضى السنوات الثلاث الأولى من حياته في مونتريال بكندا، عاد بونو إلى المغرب مع عائلته، واستقر في مدينة الدار البيضاء الساحلية. هنا اكتشف حبه لكرة القدم باللعب في الشوارع مع الأصدقاء، وانضم في النهاية إلى نادي الوداد عندما كان عمره ثماني سنوات فقط.

الوداد البيضاوي أكثر من مجرد نادٍ لكرة القدم

ويعتبر نادي الوداد البيضاوي أكثر من مجرد نادٍ لكرة القدم بالنسبة إلى العديد من المغاربة. أخذ اسمه من كلمة الوداد العربية، أي “الحب” أو “المودة الصادقة”، تأسس في عهد الحماية الفرنسية في المغرب، عندما كان الأوروبيون يديرون الأندية الرياضية ومراكز السباحة بشكل شبه كامل. لذلك تم استبعاد عدد لا يحصى من المغاربة عن هذه الأندية. قام سبعة مغاربة من الحركة الوطنية للاستقلال بتأسيس نادي الوداد في عام 1937 كمتنفس للمغاربة ومن أجلهم.

لذلك، ليس من المستغرب أن يرمز النادي إلى هزيمة المحتل. حتى الملك الحسن الثاني أدرك التأثير الاجتماعي والثقافي للفريق، مشيراً إلى لاعبي النادي على أنهم “قواته المغربية”. كما أن القومية والفخر والعاطفة التي تبلورت في مخطط النادي تسري أيضاً في عروق المنتخب المغربي، خاصة وأن مدرب الفريق وليد الركراكي عمل أيضاً مدرباً لفريق الوداد حتى آب / أغسطس 2022، عندما تولى أكبر مهمة حتى الآن: وهي تدريب منتخب المغرب لنهائيات كأس العالم التي أقيمت في قطر.

ويقول بونو : “كان الفريق المغربي والطاقم بمثابة أفراد عائلة واحدة، عائلة متماسكة. نحن ندعم بعضنا البعض، ونهتم ببعضنا البعض، ونحتفل ببعضنا البعض. وما جمعنا معاً هو حب بلدنا وهدف مشترك واحد فقط نما في عقولنا وأرواحنا – لنظهر كأفضل نسخة من أنفسنا في الميدان وفي التدريب “.

يلعب الحارس بونو لنادي إشبيلية منذ عام 2019، ولم يحصد بونو الأوسمة بهدوء خلال العامين الماضيين. وتم ترشيحه لجائزة الكرة الذهبية 2022، وحصل على كأس زامورا 2021-22، واختير أفضل حارس مرمى في الدوري الإسباني (الليغا). أما بالنسبة لملفه الشخصي العام خارج الملعب؟ إنه شبه أسطوري.

عناوين الصحف

في الواقع، لم يعرف العالم سوى القليل عن بونو خارج عروضه الرائعة حتى كأس العالم. واحتل خلال كأس الأمم الأفريقية 2021، عناوين الصحف لإصراره على التحدث بلغته الأصلية الدارجة، ورفض اللغتين الفرنسية والإنجليزية – في إشارة خفية لتشجيع تمثيل اللغات المغربية. عندما حصل على لقب رجل المباراة بعد فوز المعرب على إسبانيا في كأس العالم، أهدى اللقب إلى زميله في الفريق يوسف النصيري – وهي شهادة على طبيعته الإيثارية. لكن تصرفاته المتواضعة والهادئة هي التي تزيد من تأثيره وجاذبيته.

يقول أمين العامري، الصحفي الرياضي في صحيفة “لوماتان” المغربية اليومية: “يعتبر اسم بونو من أكثر الهتافات التي يرددها المشجعون في ليالي النصر”.

في مكان آخر، يقول مغربي مقيم في ساسكس اسمه رحمة الكتمة: “إنه صادق، إنه رجل أسرة. إنه لطيف الكلام والمعشر. يمكنك معرفة كيف يتحدث فقط في المقابلات. لقد لعب بونو ضد أفضل اللاعبين في العالم، وكان من المثير للاهتمام مشاهدته وهو يدافع عن مرماه. لقد جعل جميع المغاربة، بغض النظر عن البلد الذي يعيشون فيه، فخورين جداً ببلدهم. لقد جعل المغاربة فخورين للغاية”.

كل هذه الإشادات تليق به. يقول بونو بحماسة شديدة : “الحب والدعم الذي تلقيناه أنا والفريق من المشجعين في المغرب والقارة الأفريقية والعالم العربي وجميع أنحاء العالم كان مذهلاً حقاً. كنا نلعب كرة القدم، لكننا ساهمنا في شيء أكبر بكثير!” نظراً لأن الوسم (الهاشتاغ) الذي يحمل اسمه حصد أكثر من 700 مليون مشاهدة على “تيك توك” وحده، فمن المتوقع أن يستمر انتشاره وتقدمه.

يقول: “أنا مغربي، نشأت في المغرب، ولدي روابط قوية بهويتي المغربية مع الكثير من الفخر والامتنان”. يعيش والداي وعائلتي وأصدقائي المقربون هناك، لذلك كلما سنحت لي الفرصة أقوم بزيارتهم. إنه لشرف كبير ومسؤولية كبيرة أن أمثل بلدي عبر كأس العالم. يمكنك أن تلاحظ أننا بذلنا قصارى جهدنا لاعطاء صورة إيجابية عن بلدنا”. لكن أهمية نماذج يحتذى بها مثل بونو تمتد إلى ما هو أبعد من حدود كرة القدم.

ويرى جيل من اللاعبين الأقل حظوة في جنوب الكرة الأرضية، الذين يتسمون بالشغف لكرة القدم، أن هناك من يمثلهم أخيرًا من خلال منظور البطولة بدلاً من الإزدراء. ويؤكد: “أريد أن يؤمن الجيل القادم من الشباب المغربي بأنفسهم وبأحلامهم. يجب أن يكونوا طموحين وأن يضعوا خططاً كبيرة لأنفسهم مع العلم أن الأمر يتطلب الكثير من العمل والصبر والمثابرة. وستعلمهم الحياة الدروس التي يحتاجونها في مسيرتهم وسيحدث كل شيء في اللحظة المناسبة. المستحيل ليس مغربياً!”.

يقال إن أطفال أطلس تم إحياء ذكراهم في النجوم فوق سلاسل جبال المغرب. مع قلوب الأمة على كتفيه، فإن السحر الهادئ لصعود بونو يشكل بارقة أمل للشباب في جميع أنحاء العالم.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا