أظهر تحليل جديد أن القطاع المصرفي السعودي يقود تحولاً في تمويل دول مجلس التعاون الخليجي الست حيث تشهد أسواق الدين بالدولار الأمريكي نمواً متسارعاً من خلال إصدار سندات دين ثانوية (subordinated debt) لتمويل النمو السريع في الائتمان والمشاريع الوطنية الطموحة.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، بحسب تقرير لموقع “عرب نيوز“، إن البنوك السعودية تتصدر هذا الاتجاه الإقليمي، ومن المتوقع أن يستمر حتى العام 2026 في ظل تزايد الاحتياجات الرأسمالية وتشديد المتطلبات التنظيمية.
ومع استمرار الحكومة السعودية في تنفيذ مبادرات رؤية 2030 التي تتجاوز قيمتها تريليونات الدولارات، تتجه البنوك إلى أسواق الدولار العالمية لجمع رأس المال الحيوي، مما يعزز إصدار السندات الثانوية المعقدة وعالية العائد.
حتى الآن في 2025، أصدرت بنوك دول مجلس التعاون أكثر من 55 مليار دولار من الديون بالدولار، متجاوزة بالفعل إجمالي 2024 البالغ 36 مليار دولار. وقالت الوكالة إن “أكثر من نصف هذا المبلغ (29.3 مليار دولار) صادر عن البنوك السعودية، بما في ذلك 11.7 مليار دولار من رأس المال الإضافي من الفئة الأولى (AT1) والفئة الثانية (Tier 2)”.
ويشكل الدين الثانوي الآن أكثر من 70 بالمئة من إصدارات الدولار لدى البنوك السعودية، مقارنة بنحو 50 بالمئة في 2024، ما يعكس تحولاً نحو أدوات أكثر مخاطرة تعزز القاعدة الرأسمالية للبنوك.
وأشارت فيتش إلى عدة عوامل وراء هذا الارتفاع. إذ تشهد البنوك السعودية أقوى نمو في الائتمان بين دول الخليج، ومن المتوقع أن يصل إلى 12 بالمئة في 2025. ويأتي هذا الارتفاع في الإقراض، الذي يمول مشاريع رؤية 2030 الكبرى، أسرع من نمو الودائع، مما يؤدي تدريجيًا إلى تآكل احتياطيات رأس المال.
وقالت الوكالة أيضاً “إن النمو القوي في التمويل يتجاوز نمو الودائع وقد أضعف الاحتياطيات الرأسمالية في السنوات الأخيرة. وانخفضت نسبة رأس المال الأساسي من الفئة الأولى (CET1) للقطاع بمقدار 213 نقطة أساس خلال 2020-2024”.
ومن المتوقع أن تضيف التغييرات التنظيمية المقبلة بما في ذلك إضافة 1 بالمئة من المخزون المضاد للدورة الاقتصادية اعتبارًا من مايو/أيار 2026 وقواعد أكثر صرامة لمخاطر أسعار الفائدة مزيداً من الضغوط على نسب رأس المال.
بالإضافة إلى ذلك، تحمل تمويلات المشاريع الكبرى لرؤية 2030 أوزان مخاطر أعلى بموجب قواعد بازل، مما يزيد الضغط على رأس المال الأساسي.
في حين تستمر أدوات الفئة الأولى الإضافية (AT1) في السيطرة على أسواق رأس المال غير الأساسي، تتنوع البنوك السعودية أيضًا من خلال إصدار ما يقرب من 6 مليارات دولار من الدين من الفئة الثانية (Tier 2) في 2025، مما يساعد على موازنة هيكل رأس المال وجذب قاعدة أوسع من المستثمرين الدوليين.
وتتوقع وكالة فيتش استمرار زخم الإصدارات حتى 2026، بدعم من أكثر من 10 مليارات دولار من الديون المستحقة والتي تحتاج لإعادة تمويل، والطلب المستمر على التمويل، وتوقعات انخفاض أسعار الفائدة.
كما يُتوقع أن يتم استرداد نحو 1.8 مليار دولار من أدوات AT1 التي تصل إلى تاريخ الاستدعاء الأول في العام المقبل في ظل ظروف سوق مواتية.
وكانت فيتش قد توقعت أن تتجاوز بنوك مجلس التعاون الخليجي إصدار 60 مليار دولار من الديون بالدولار في 2025، و40 مليار دولار باستثناء شهادات الإيداع، متجاوزة مستويات قياسية لعام 2024.
وفي تقرير أصدرته الوكالة، في وقت سابق من الشهر الجاري، قالت إن هذا الارتفاع مدفوع بزيادة الاستحقاقات، والنمو القوي في الائتمان، وظروف التمويل المواتية.