قالت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأنها أشجع امرأة شاهدتها، فقد هزّت قصة الطفلة نجود علي، اليمن والوطن العربي بل العالم بأسره، حيث أجبرت نجود الفتاة اليافعة الجميلة الطموحة الذكية المندفعة إلى الحياة، ذات الغمازة على خدِّها الأيسر، من قبل أبوها على الزواج من رجل يكبرها 3 أضعاف عمرها، لتمحّي ابتسامتها وتنطفئ إشراقتها، وتبدأ رحلة تمرُّد على قدرها لم يُعرف لها مثيل، وتدخل المحاكم وتشاكس المحاكمات في مواقف شجاعة لافتة، تعبئ الرأي العام، وتكسب التعاطف من كل حدب وصوب في مغامرة قد تفضي إلى الموت أو الانتصار.
بدأت مأساة الطفلة نجود علي عندما قال لها والدها بأنها ستتزوج قريباً، وحين ناقشت الأب إحدى بناته، وقالت أن نجود مازالت صغيرة، رد عليها “اتخذت قراري، ومن ثم تعرفين جيداً أننا لا نملك ما يكفي من المال لإطعام العائلة كلها وبتزوجيها سنرتاح من فم إضافي”. والدها القروي المتزوج من امرأتين، والعائل لأكثر من 15 فرداً، وجد صعوبات كثيرة في الحصول على عمل في مدينة تغص بالعاطلين، ورأى أن تزويج البنات يعد أحد الحلول للتخفيف من وطأة المتطلبات المعيشية، خصوصاً إذا غلف الأمر بحجج الخوف على شرف الفتيات، وتحصينهن مبكراً.
حرمت نجود من دراستها، وانطلقت الزغاريد في منزلها، وارتدت العروس/الطفلة ثوباً فضفاضاً، واحتفل الرجال بتخزين كميات أكبر من القات، والنساء برقص أكثر حماسة، ثم سافرت نجود بصحبة زوجها (فايز) إلى القرية التي ولدت فيها، إذ كان منزل العريس هناك، وتصل الصغيرة بعد رحلة شاقة إلى قفص الزوجية، حالمة بالطعام وقسط من الراحة، لكنها تفاجئ في المساء برجل يجردها من عباءتها، فحاولت الهروب، ولكن لم يسعفها أحد ففقدت وعيها، وأفاقت ولم يبقَ في ذاكرتها سوى حماة تنثر الماء البارد على وجهها مرددة «مبروك مبروك».
صارت نهارات نجود بعد الحياة الجديدة عملاً منزلياً ومهام تسندها إليها حماتها، أما مساءاتها فكانت انتهاكات وعذابات لجسدها الصغير، فكرت في الهرب، لكنها لا تعرف أحداً في القرية النائية، بعد حين ونتيجة لبكاءاتها المتكررة استجاب الزوج لطلبها في أن ترى عائلتها في صنعاء.
هربت الصغيرة التي صارت امرأة بعد نزولها إلى العاصمة بأيام. ركبت للمرة الأولى وحدها أكثر من وسيلة مواصلات، ووصلت إلى ساحة محكمة، مزدحمة بأصحاب المظالم، باحثة عن قاضٍ يصغي إليها، ويهبها عدالة افتقدتها طويلاً، وهناك قابلت قاضياً، سألها ماذا تريدين، فردت “الطلاق”، تعجب القاضي، ولم يصدق أن طفلة في ذلك العمر هي متزوجة فعلاً. أخبرته عن معاملة زوجها السيئة لها، واضطرت الصغيرة إلى الإجابة عن أسئلة من قبيل هل مازلت عذراء؟
وقد أوصلت الحقوقية اليمنية شذا ناصر صوت نجود إلى الإعلام، وقادت حملة لإنقاذ الطفلة، وبالفعل تحررت نجود وحصلت على ما أرادت، بعد تجربة مريرة، لكنها عادت إلى مدرستها بوعي أكبر وحلم أن تصير محامية أو إعلامية تدافع عن حرية الفتيات الصغيرات، وعدم إكراههن على شيء.
