تراجع النشاط في أسواق المال الصينية في البر الرئيسي، وخارجه إلى أدنى مستوياته منذ عدة عقود، مما يسلط الضوء على كيف أثر فقدان الزخم في ثاني أكبر اقتصاد في العالم على ثقة المستثمرين.
وحسب الخبراء، فأن التوترات الجيوسياسية المتزايدة بين بكين، وواشنطن وتراجع مستويات النشاط الاقتصادي في الصين، وتعليق الاقتراض الدولي في قطاع التطوير العقاري، كل هذه الأسباب مجتمعة، أدت إلى عزوف البنوك والشركات الدولية عن أسواق المال الصينية.
نشاط أسواق المال الصينية الأسوأ في أكثر من 20 عام
اجتذبت الطروحات العامة الأولية، والطروحات الثانوية، والسندات القابلة للتحويل في أسواق المال الصينية، نحو 6.4 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من 2024، وهو أدنى مستوى في تاريخها.
فيما جمعت جولات التمويل الخارجية 1.6 مليار دولار، وهو أدنى مستوى منذ 20 عاما، كما سجلت صفقات الدمج والاستحواذ في الصين أدنى مستوياتها منذ 2005 عند 2.5 مليار دولار، وفقا لبيانات شركة ديلوجيك.
صرّح وانج تشي، كبير مسؤولي الاستثمار في UOB KayHian في هونج كونج، والذي بدأ العمل في مجال التمويل في التسعينيات، قائلا: “بالنسبة لاهتمام المستثمرين العالميين بالصين، فإن هذا الوضع يُعتبر الأسوأ بالتأكيد الذي شهدته خلال مسيرتي المهنية”.
أيضا أحد الأشخاص المشاركين في الأسواق المالية الصينية، والذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته؛ قال: “لا يهم نوع المستثمر الذي أنت عليه، فالأمر لا يزال يبدو غامضاً”.. و”الشكوك الاقتصادية لم تتبدد بعد”.
أسباب تراجع أسواق المال الصينية
التوترات الجيوسياسية المتزايدة بين بكين، وواشنطن وتراجع مستويات النشاط الاقتصادي في الصين أدت إلى عزوف البنوك والشركات الدولية عن أسواق المال الصينية.
بالإضافة إلى ذلك، قام قطاع التطوير العقاري، والذي كان أحد أساسات ارتفاع عوائد سوق السندات الآسيوية سابقًا، بتعليق الاقتراض الدولي بعد أن تعرض لحملة حكومية تستهدف استخدام الديون في تمويل المشاريع، مما أدى إلى اضطراب في النماذج التجارية لتلك الشركات، وفقًا لتقرير فايننشال تايمز.
أسواق المال الصينية تعكس مناخ معزول
وتعكس بيانات أسواق رأس المال الحالية، مناخا أصبح فيه النظام المالي في الصين معزولا بشكل متزايد، على الرغم من انتهاء الوباء.
وفي هذه المرحلة من عام 2021، قامت الشركات الصينية بإصدار 61 مليار دولار من الأسهم خارج البلاد، وهو ما يمثل أكثر من 39 مرة مقارنة بالكميات التي تم إصدارها في عام 2024.
وأصدرت الشركات سندات بقيمة 39 مليار دولار، أي ما يقرب من أربعة أضعاف المعدل الحالي.
واضطرت البنوك الدولية، التي سعت لسنوات إلى شق طريقها إلى النظام المالي الضخم في الصين، إلى مواجهة تقلص مستويات النشاط.
وسحبت مجموعة سينجنتا السويسرية للكيماويات الزراعية الشهر الماضي خططها طويلة الأمد للإدراج في شنغهاي، في حين أدى التدقيق المتزايد للإدراج من قبل هيئة تنظيم الأوراق المالية في البلاد إلى إلغاء خطط أخرى.
وانخفضت إصدارات الأسهم الجديدة في الداخل بنسبة 83% منذ بداية العام حتى تاريخه.
بارقة أمل في عودة النشاط الاقتصادي
حقق اقتصاد الصين، نموا بمعدل أعلى من المتوقع عند 5.3% في الربع الأول من 2024، بحسب بيانات المكتب الوطني الصيني للإحصاء الصادرة يوم الثلاثاء.
كما أصدرت الشركات، والبنوك وجهات حكومية صينية سندات دولية بقيمة 26 مليار دولار هذا العام، مقارنة بـ 24 مليار دولار العام الماضي، بينما ارتفع الاقتراض بنسبة 17% على أساس سنوي إلى 246 مليار دولار.
- تابعونا:
