يدور حالياً نقاش حيوي حول ما يعرف بالجيل “زد”، والذي يُعرَّف بأنه الجيل الذي وُلد بعد عام 1997. الشباب الأقدم من هذا الجيل أنهوا دراستهم الجامعية الآن، وبدأوا بالانضمام إلى قوى العمل. وستلحق بهم الغالية المتبقية منهم خلال السنوات القليلة القادمة.
ونظراً إلى النقص الحاد في العمالة الماهرة في معظم الصناعات، فقد أثيرت الكثير من النقاشات حول التوقعات والأولويات المحددة التي تميز هذا الجيل عن الأجيال السابقة: الجيل “إكس” والجيل “واي” الذي يُعرف أيضاً باسم جيل الألفية.
نشأ الجيل “زد” في مناخ سياسي مضطرب (بعد أحداث 11 سبتمبر)، وفي ظل أوضاع اقتصادية أكثر صعوبة (الأزمة المالية العالمية في 2007/2008)، ويبدو أن الجيل “زد” أكثر تركيزاً على تحقيق النجاح الشخصي والاستمتاع ببيئة عمل مستقرة مقارنة بالأجيال الأخرى السابقة.
ومن العوامل المشتركة التي يمتاز بها الجيل “زد” هي تمتعه بمهارات تقنية عالية، فقد تشكلت لديهم طوال سنوات التعليم التي أمضوها في كلياتهم تصورات حول كيفية إنجاز العمل من خلال الاتصال الدائم بشبكة الإنترنت، واستخدامهم للأجهزة المحمولة والتطبيقات والخدمات السحابية المختلفة.
بالنسبة لهم، كانت الإجابة على السؤال النمطي: “هل يوجد تطبيق للقيام بذلك؟ وكانت الإجابة: “نعم، هناك تطبيق لذلك!”، وإذا لم يعمل هذا التطبيق كما هو مُعلن، فإن متجر التطبيقات يحتوي على بدائل مختلفة وعديدة، مما يجعل الجيل “زد” جيداً في اختيار الأدوات، وسريع أيضاً في تبديل هذه الأدوات، إذا لزم الأمر.
ومن الجوانب التي لا يمكن تجاوزها هي أن الأجهزة الذكية وتطبيقات التواصل الاجتماعي طالما كانت متوفرة بالنسبة للجيل “زد”، في حين كان على الجيل “واي” التكيف مع الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي التي كانت تقنيات جديدة عليه نوعاً ما.
لم يعش الجيل “زد” في عالم لم تتواجد فيه هذه التقنيات.
وتتمثل آليات الاتصالات المفضلة للجيل “زد” في الدردشة النصية أو الاتصالات المرئية عبر التطبيقات الشائعة مثل “واتساب” أو “فيس تايم”، وليس الاتصال الهاتفي التقليدي أو البريد الإلكتروني.
ويُقال إن الجيل “زد” يعتز بالتقنيات الرقمية الحديثة، إذ دائما ما ينظر أفراد هذا الجيل في أهمية توفر الأدوات الرقمية المفضلة لديهم عند اتخاذ قراراتهم المتعلقة بعروض العمل. إلا أنهم يقدرون في الوقت ذاته التواصل المباشر وجهاً لوجه، ويرغبون في مقابلة أعضاء الفريق شخصياً، كلما أمكن ذلك.
وبهدف استقطاب الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها الجيل “زد” – ومن مختلف أنحاء العالم – يتعين على الشركات معرفة أن هذا الجيل لا يتطلع للعمل حصرياً من المنزل، أو أثناء التنقل، كما تصفه الصورة النمطية السائدة. ويجب على الشركات تزويد موظفيها من هذا الجيل بالتجربة المناسبة، وبيئة العمل التي تمكنهم من العمل والتواصل والتعاون بمرونة مع الكثير من المتغيرات التي يمكن أن تحدث في سياق يوم عمل عادي.
على المستوى المادي، ومن حيث التصميم والتجهيز لبيئات العمل، هذا يعني توفير مجموعة واسعة من الإعدادات الخاصة ببيئات العمل كتوفير مساحات فردية خاصة للوظائف التي تحتاج إلى تركيز عالي، والمواقع غير الرسمية لاحتضان النقاشات العفوية وجهاً لوجه، وقاعات اجتماع رسمية مزودة بأحدث تقنيات مؤتمرات الفيديو لاستضافة الاجتماعات الافتراضية لفرق العمل في المواقع والفروع المختلفة.
إلا أنّ هذه المرونة المادية يجب أن تستكمل بقدرٍ مساوٍ من المرونة التقنية، فلا يجب على أقسام تقنية المعلومات توفير الأجهزة المحمولة والأجهزة الذكية التي تحقق المرونة في العمل فحسب، بل يجب أيضاً توفير مساحات عمل توفر تجربة عمل مريحة وسلسة، وتمنح المستخدمين تجربة وصول سهلة وبديهية وآمنة إلى بيئات عملهم الفردية من أي مكان وفي أي زمان.
إِنّ مفهوم بيئات العمل الذكية يتجاوز مجرد توفير بيئات عمل مرنة وآمنة لتعمل على تحسين نتائج الأعمال من خلال تسريع المهام الروتينية كالمستلزمات المكتبية الخاصة بالعمل أو طلبات الإجازة أو الموافقة على طلبات الأسعار والعقود عن طريق أتمتة مهام سير العمل، إذ يساهم ذلك في تجنب عمليات البحث عن المستندات التي تستغرق وقتاً طويلاً، وتسريع وتيرة سير العمل وتحسين إنتاجية الموظف بشكل عام.
تَعَلّم أفراد الجيل “زد” خلال مراحل نمومهم المختلفة أنهم بحاجة إلى الاعتماد على الذات، فهم يتطلعون لانتقاء واختيار الأجهزة والتطبيقات والخدمات التي تناسبهم، لأنهم اعتادوا على هذا الأمر.
وإذا واجه هؤلاء تجربة سيئة، فسوف يسارعون إلى التحايل على القيود التكنولوجية والتحول إلى بدائل استهلاكية أخرى. وإذا لم ينجح ذلك، فقد يبدّلون أصحاب العمل، نظراً لبحث الشركات والأعمال المختلفة عن المواهب المناسبة في السوق العالمية التي تشهد تنافساً كبيراً لاستقطاب هذه المواهب.
لذا، يجب أن تُلبي الشركات التوقعات العالية للجيل “زد” من خلال توفير تقنيات بديهية وذكية توفر أقصى درجات الأمان والأداء العالي وسهولة الاستخدام. أي شيء أقل من ذلك لن ينجح في استقطاب اهتمام هذا الجيل.