تواجه عملاقة برمجيات التصميم أدوبي تحديًا متناميًا لهيمنتها في سوق الأدوات الإبداعية التي تحتكرها، حيث تبرز منافسة قوية من منصات جديدة تستفيد من الذكاء الاصطناعي والتعاون السحابي مثل فيجما التي فشلت في الاستحواذ عليها باكبر عملية استحواذ لقاء 20 مليار دولار. وتتزامن هذه المنافسة مع تزايد الانتقادات الموجهة لشركة أدوبي بشأن سياساتها الصارمة المتعلقة بالرسوم الخفية عند إنهاء الاشتراكات وتطاولها لاستخدام محتوى المشتركين المخزن على السحابة.
صعود المنافسين يقلص هيمنة أدوبي
يُعيد صعود منصات مثل كانفا Canva و فيجما Figma تشكيل مشهد سوق برامج التصميم، مُهددًا “خندق” أدوبي الذي كان عصيًا في السابق: تُنافس كانفا أدوبي بقوة في مجال إنشاء المحتوى سهل الاستخدام والقائم على القوالب، مُستهدفة الشركات الصغيرة والمتوسطة وغير المحترفين، مع التركيز على التصميم السريع بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وتُهيمن فيجما على مجال تصميم واجهة المستخدم/تجربة المستخدم (UI/UX) بفضل منصتها التعاونية السحابية وقدرات الذكاء الاصطناعي المتنامية، ما يجذب شركات التكنولوجيا ومصممي المنتجات. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت بدائل متخصصة مثل Affinity Designer و CorelDRAW وغيرها، والتي تقدم نماذج تسعير مغرية (بما في ذلك خيارات الشراء لمرة واحدة) وميزات محددة، ما يشكل تحديًا لبيئة أدوبي الشاملة القائمة على الاشتراك. لا تزال أدوبي تحتفظ بميزة تنافسية بفضل تكامل المنظومة لديها، أي التكامل العميق بين تطبيقاتها الاحترافية، مثل فوتوشوب وإلستريتور المُعتمدة على نطاق واسع في مجالات التصميم الجرافيكي والفيديو والتصميم ثلاثي الأبعاد. الذكاء الاصطناعي المتقدم: دمج قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتطورة (مثل Firefly) ضمن سحابتها الإبداعية.
ومع ذلك، أصبح الحفاظ على الريادة يتطلب استمرار الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي وتعزيز تكامل المنظومة لمواجهة قوة المنافسين المتصاعدة.
انتقادات لسياسات الإلغاء وحقوق المحتوى
في الوقت الذي تحتد فيه المنافسة، تواجه أدوبي تدقيقًا متزايدًا بسبب ممارساتها التجارية بسبب رسوم الإلغاء الصارمة، والخفيةـ إذ يُنتقد المستخدمون أدوبي بسبب رسوم الإلغاء التي قد تصل إلى 50% من المبلغ المتبقي في العقد السنوي في حال الإلغاء بعد فترة السماح الأولية، بالإضافة إلى عمليات الإلغاء المُعقدة. وقد أدت هذه السياسات إلى تدقيق حكومي ودعاوى قضائية.
مخاوف بشأن المحتوى السحابي
تثير شروط خدمة أدوبي مخاوف المستخدمين حيث تجبر المشتركين على الموافقة على استخدام ملفاتهم وتوسع نطاق حقوق استخدامها من قبل الشركة حين تقوم بحفظها على سحاب الشركة Creative Cloud، وما يحدث لهذا المحتوى والتحكم فيه بعد إلغاء الاشتراكات، تخيل أن شركتك تعمل على تصميم سري لمنتج أو شركة وتستبيح أدوبي استخدامه لدى تخزينه في السحابة! أثارت سياسات التجديد والإلغاء الصارمة، إلى جانب مخاوف التحكم في المحتوى السحابي، استياءً لدى المستخدمين، ما يضع ضغطًا إضافيًا على أدوبي في سوق برمجيات إبداعية أصبح أكثر ديناميكية وتنافسية.
أدوبي تتجرع السم وتدفع مليار دولار لمنافستها
سبق أن حاولت أدوبي الاستحواذ على فيجما، لكنها اضطرت لإنهاء اتفاقية الاندماج بينهما في ديسمبر 2023، واضطرت أدوبي لدفع مليار دولار لـ فيجما ضمن شرط جزائي بسبب انسحابها من عملية الاستحواذ. وحصلت فيجما على المليار دولار من أدوبي سنة 2024، وهي دفعة جزائية بسبب تراجع أدوبي عن صفقة الاستحواذ، وذلك بعد حُددت هذه الرسوم كجزء من اتفاقية الاستحواذ الأولية، وقد أبرزت، من بعض النواحي، موقف فيجما التفاوضي آنذاك وإدراكها للمخاطر المحتملة لعملية الاستحواذ. وجمعت وقتها فيجما تمويلًا بقيمة 333 مليون دولار، لذا فإن رسوم الفسخ البالغة مليار دولار تعادل تقريبًا ثلاثة أضعاف إجمالي رأس مالها المجمع. ويبدو أن الشركة استلمت هذه الدفعة، دون أي تخفيضات، نقدًا بعد ثلاثة أيام من تقديم طلبها إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية. ومكسب مليار دولار بالنسبة لشركة فيجما، التي يعمل بها حوالي 1,400 موظف، كان كافيا لتغطية نفقات التشغيل لمدة سنتين أو ثلاث سنوات.وجاء ذلك بعد اعتراضات المفوضية الأوروبية وهيئة المنافسة والأسواق في المملكة المتحدة، بسبب اعتراضات على هيمنة أدوبي واحتكارها لبرمجيات التصميم. واعتادت أدوبي شراء أي منافس لها كما فعلت مع شركات عديدة مثل كوارك وفري هاند من ماكروميديا التي استحوذت عليها عام ٢٠٠٥، والتي جلبت معها منتجات منافسة مثل فري هاند (برنامج ينافس إليستريتور) وفلاش.

