رغم توافر الدولار والحملات الحكومية الداعية للإنفاق لدعم الاقتصاد الوطني تحتفظ العائلات التركية بما قيمته 331 مليار دولار من الذهب وتسمى هذه الممارسة بالادخار تحت الوسادة بحسب تقارير صحفية. وترسخ هذا التقليد التركي تحسبا من الأزمات الاقتصادية بحسب تقرير كشف أن 4500 طن من سبائك الذهب التركية تُعدّ في معظمها محلية الصنع، لدى الأسر التركية. وتكشف هذه الظاهرة عدم ثقة بالحكومة التي يعتبرها بعض الأتراك مسؤولة عن تدمير العملة وهبوطها لمستويات غير مسبوقة. ويجمع الأتراك السبائك والعملات الذهبية والمجوهرات، وكل ما يمكن شراؤه يُخزّن بينما ينتظر الأتراك لمعرفة إلى أي مدى ستنهار الليرة، بعد أن وصل معدل التضخم لمستوى مرعب بـ 85.51% في أكتوبر 2022. وترى الحكومة في ذلك مشكلة وتحاول باستمرار ربط الذهب بالتهرب الضريبي وغسل الأموال. وزادت ضريبة المبيعات على مشتريات الذهب، وربما لعبت دورًا في وجود فروق كبيرة في أسعار البيع والشراء بين البنوك، مما دفع تجارة الذهب إلى التداول في الخفاء. وتم فرض الإبلاغ بدقة عن أي عملية شراء مجوهرات تزيد قيمتها عن 5000 دولار، كما حُظر بيع سبائك الذهب غير المصدقة في عام 2024. وفيما تكثر هذه الإجراءات الصارمة إلا أن هذه الاحتياطيات ذاتها التي تضغط عليها الحكومة هي التي توفر الاستقرار في أوقات الأزمات، والتي يبدو أنها مستمرة هذه الأيام. عندما تضرب الأزمة الاقتصادية البلاد، فإن تسييل بعض الذهب لإعادة شرائه عند استقرار الأمور هو ما يحرك عجلة الاقتصاد.
مستثمرو الذهب في تركيا يدركون المخاطر!
يوضح الخبير الاقتصادي ماهفي إيلمز أن الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا، خاصة في أوقات عدم اليقين. ويرتبط الطلب على الذهب ارتباطًا مباشرًا بالمخاطر المحلية والعالمية، وهو ما يدركه المستثمرون الأتراك جيدًا. الذهب معدن نفيس ونادر، وقيمته تنبع من ندرته وعدم قابليته لإعادة الإنتاج. تاريخياً، كان الذهب يستخدم للمجوهرات، وتخزين القيمة، وكمخزون احتياطي للبنوك المركزية. حتى بعد إلغاء معيار الذهب في عام 1971، لا تزال البنوك المركزية تحتفظ به كاحتياطي. وأهم عامل يحدد قيمة الذهب اليوم هو المخاطر. فكلما زادت المخاطر في بلد ما، انخفضت قيمة عملته، مما يدفع المستثمرين للبحث عن بدائل مثل العملات الأجنبية، العقارات، أو الذهب. يُعد الذهب الخيار الأفضل للحفاظ على القيمة في الأوقات الصعبة، لذا يُطلق عليه “الملاذ الآمن”. في تركيا، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا مع زيادة المخاطر. ففي سبتمبر 2021، عندما ارتفع تضخم أسعار الفائدة في تركيا، ارتفع سعر جرام الذهب بشكل كبير. وعلى الرغم من تراجع المخاطر مؤخرًا، إلا أن سعر الذهب استمر في الارتفاع، مدفوعًا أيضًا بعدم اليقين العالمي. تؤثر القيود المفروضة على واردات الذهب في تركيا، مثل الحصص المطبقة في عام 2023، على ارتفاع سعره. يُحدد الأتراك قيمة الذهب بناءً على سعره بالدولار الأمريكي.