كيف تتعافى من إدمان تشات جي بي تي؟ بهذا العنوان يشير مقال من بلومبرغ إلى تراجع قدرات مستخدمي الذكاء الاصطناعي على حل المشاكل والتفكير النقدي ويستسلم من يستخدمه بكثرة ويسلم بأي شيء تقدمه أدوات مثل تشات جي بي تي ويسلم بها وكأنها حقائق لا تقبل الشك، بل يعطل الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي التقدم المهني ويزعزع الثقة وطريقة التفكير ويقوّض ثقة مستخدميه بأنفسهم ويشعرون بما يسمى متلازمة المنتحل imposter syndrome.
وفي لقاء مع الأخصائية النفسية سينميس غياث ناجي، وهي مدربة معتمدة من البورد الأمريكي الكندي بالصحة النفسية، أكدت لمحرر أريبيان بزنس أن دراسات عديدة أظهرت تراجع قدرات حل المشاكل والتفكير النقدي وضمور الدماغ بسبب إدمان الذكاء الاصطناعي.
يظهر ذلك في تجربة الشاب إديسون إيرل في مقال بلومبرغ وهو المتدرب الموهوب الذي اعتمد بشكل كبير على “تشات جي بي تي” في عمله وحياته اليومية، مما أدى إلى شعوره بفقدان الثقة بالنفس وتراجع مهاراته الذهنية. يسلط المقال الضوء على تزايد اعتماد الشباب العاملين على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “تشات جي بي تي”، “جيميناي”، و”كلود”، والتي تسوق على أنها مساعدين رقميين فعالين.
ويشير المقال إلى أن هذا الاعتماد المفرط بدأ يؤثر سلباً على التقدم المهني للشباب ويقوض ثقتهم بأنفسهم ويزيد من شعورهم بـ “متلازمة المحتال”. كما كشفت دراسة أن الموظفين الشباب يستخدمون هذه الأدوات بوتيرة أعلى من المديرين الأكثر خبرة، الذين غالباً ما يثقون بخبراتهم. يصف إيرل كيف فقد شعوره بالفخر بعمله وأصبح أكثر كسلاً، معتمداً على الذكاء الاصطناعي للحصول على “إجابة أفضل” بشكل تلقائي. يتعدى تأثير هذا التعلق المكتبي ليشمل تراجع مهارات التفكير النقدي، وهو ما لاحظه باحثون وحذر منه إيرل نفسه.
ومع ذلك، يعترف إيرل بوجود جوانب إيجابية لـ “تشات جي بي تي”، مثل مساعدته في تتبع النفقات وضبط الميزانية واختيار الملابس. لكنه يفتقد متعة الاكتشاف وارتكاب الأخطاء في الحياة الواقعية، حيث أصبح يشتري الأشياء لمجرد توصية الذكاء الاصطناعي. يشير المقال إلى أن العديد من الشباب الذين اعتادوا على استخدام الذكاء الاصطناعي في الدراسة يعتمدون عليه بشكل متزايد في جوانب حياتهم المختلفة، ويعزو ذلك إلى سرعة إنجاز المهام وردود روبوتات المحادثة الودودة والمتملقة أحياناً.
التوازن لحماية القدرات الذهنية
وقد أظهرت أبحاث وجود مؤشرات على “تعلق عاطفي” لدى بعض المستخدمين الذين يفرطون في استخدام هذه المنصات. بعد إدراكه لإمكانية إدمانه على الذكاء الاصطناعي، قرر إيرل إلغاء اشتراكه ولاحظ تحسناً في إنتاجيته وشعوره بالعمل الحقيقي مجدداً. ويؤكد المقال أن الحل لا يكمن في العزوف التام عن استخدام الذكاء الاصطناعي، بل في تعلم استخدامه بتوازن دون إضعاف القدرات الذهنية. تنصح الخبيرة شيريل آينهورن باتباع خطوتين لتجنب تفويض كل المهام للروبوتات: التفكير أولاً ثم اختبار القرار بالذكاء الاصطناعي، والتحقق من إجابات الروبوتات ومساءلتها. يختتم المقال بالتأكيد على أن تحقيق توازن صحي في استخدام الذكاء الاصطناعي هو تحدٍ كبير يواجه جيل الشباب، وأن المسؤولية تقع أيضاً على شركات التقنية لإنتاج أدوات تعزز القدرات الذهنية، وضرورة فتح نقاش حول وضع حدود صحية للتعامل مع الذكاء الاصطناعي.