Posted inأخبار أريبيان بزنس

كيف تعيد الشراكة السعودية-الصينية تشكيل مستقبل الإسكان في المملكة؟

هل أصبحت زيارة الصين أساسية لأي مستثمر في الطاقة النظيفة؟ ماذا عن قطاع البناء؟

بعد الاستفادة من الشراكة السعودية الصينية في تنفيذ أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية، ذكر تقرير لوكالة الأنباء السعودية عن تعاون سعودي صيني بهدف تنفيذ 100 ألف وحدة سكنية بحلول عام 2030. ولتحقيق ذلك، تركز الشراكة على رفع المعروض السكني وتحقيق التوازن العقاري، وذلك بالاعتماد على تقنيات البناء الحديثة والبناء الصناعي المتقدم التي توفرها الشركات الصينية الرائدة. كما تتجاوز المكاسب مجرد الأرقام، لتشمل توطين الصناعات وتبادل الخبرات، مما يساهم بشكل مباشر في تعزيز المحتوى المحلي وخلق فرص عمل جديدة. ولضمان استدامة هذا النمو، يعمل التعاون على تعزيز استدامة السوق العقاري من خلال مبادرات مبتكرة مثل “SupplyPro”، التي تهدف إلى إدارة سلاسل الإمداد والتحوط ضد تقلبات الأسعار، حمايةً للمواطنين والقطاع الخاص من أي تكاليف إضافية. وفي سبيل مواكبة المستقبل، يشتمل التعاون أيضاً على تطبيق حلول المدن الذكية والذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات البلدية والسكنية.

ابتكارات البناء الصينية

تحقق الصين تقدمًا كبيرًا في تكنولوجيا البناء والإسكان، ومن أبرز الابتكارات نظام قوالب الرفع الدقيق الذكي، وهو منصة معيارية شبيهة بالمصنع تُستخدم في بناء ناطحات السحاب، مما يُحسّن السلامة ويُسرّع أوقات البناء ويُخفّض التكاليف بشكل كبير. يدعم هذا النظام أعمالًا متعددة في آنٍ واحد على ارتفاعات شاهقة، وقد استُخدم في مشاريع بارزة مثل برج زون في بكين. ومن الإنجازات الأخرى نموذج التصميم والتصنيع والنقل والتجميع (DPTA) لأنظمة الميكانيكا والكهرباء والسباكة (MEP)، والذي يستخدم وحدات مسبقة الصنع مُصممة باستخدام أدوات نمذجة معلومات البناء (BIM). يُحسّن هذا النهج الجودة، ويُقلل التأخير والتكاليف، ويُتيح التجميع المعياري على غرار البناء باستخدام مكعبات الليغو. وقد طُبّقت طريقة DPTA في أكثر من 200 مشروع على مستوى البلاد، محققةً فوائد ملحوظة في الكفاءة والاستدامة. يشهد قطاع البناء في الصين نموًا سريعًا، مدعومًا باستثمارات حكومية تتجاوز 1.8 تريليون دولار أمريكي في مختلف المناطق، والتحولات الرقمية مثل تفويضات نمذجة معلومات المباني (BIM)، ومراقبة إنترنت الأشياء (IoT)، والصيانة التنبؤية بالذكاء الاصطناعي، والتوائم الرقمية للمدن الذكية. ويدعم التوسع الحضري والتمويل العام الاستراتيجي تطوير الإسكان والبنية التحتية. وتقود شركات البناء الصينية الكبرى، مثل CSCEC وCRCC وCREC، هذه التطورات. ويدفع دمج الحلول الرقمية والوحدات النمطية الصين نحو عمليات بناء أكثر أمانًا وسرعةً وصداقةً للبيئة، مما يضع البلاد في موقع رائد عالميًا في تكنولوجيا البناء، مع إمكانية تصدير هذه الابتكارات دوليًا. لا تزال هناك تحديات في مهارات العمل والتصنيع عالي الدقة، لكن البحث والتطوير المستمر يهدف إلى أتمتة القدرات المستقبلية وتعزيزها .   تحتل الصين صدارة الابتكار في تكنولوجيا البناء والإسكان، مستفيدةً من الأنظمة النمطية والأدوات الرقمية والاستثمارات الحكومية الضخمة لتحقيق كفاءة وجودة واستدامة متطورة في مجال البناء.

الطاقة النظيفة وغيرها!

تكشف تقارير إخبارية أن زيارة الصين أصبحت ضرورية لأغلب المستثمرين وتكشف زيارات من هذا النوع أن تجاهل نفوذ الصين يُهدد بفقدان جوانب حيوية من ثورة التكنولوجيا العالمية، لأنه يظخر هيمنة التكنولوجيا والطاقة النظيفة الصينية والتي تؤدي إلى تحوّل استراتيجيات الاستثمار الغربية بعيداً عن الشركات الناشئة الغربية التي يعجز معظمها عن التفوق على الصين، وما يجري على صعيد الطاقة النظيفة ينسحب على قطاعات عديدة أخرى من السيارات الكهربائية إلى قطاعات كبيرة في التكنولوجيا وغيرها. وكشف تقرير لوكالة بلومبيرغ في سبتمبر/أيلول الماضي تحت عنوان “رحلةٌ بريةٌ في الصين تكشف قائمةً بالأصول غير القابلة للاستثمار في الغرب”، عن تحولٍ جذري في تقييم المستثمرين الغربيين لقطاع التكنولوجيا النظيفة العالمي. فقد قام مستثمرون أوروبيون وأمريكيون في رأس المال الاستثماري بزيارات ميدانية لمراكز التصنيع الصينية في مجال التكنولوجيا النظيفة، وخلصوا إلى نتيجةٍ حاسمة مفادها أن الصين رسّخت هيمنةً لا تُنازع على قطاعاتٍ حيوية، مثل البطاريات والألواح الشمسية. ونشرت بلومبرغ مخططاً يظهر هذه الهيمنة الصينية على قطاع الطاقة النظيفة.

يُعزى هذا التفوق الصيني إلى قدراتها التصنيعية واسعة النطاق، والدعم الحكومي الاستراتيجي، والتركيز على أمن الطاقة، مما جعل استثماراتها في مصانع التكنولوجيا النظيفة تُمثل حوالي 76% من الاستثمارات العالمية في هذا المجال اعتبارًا من عام 2024. هذه الريادة قلّصت هوامش الربح عالميًا، وجعلت العديد من الشركات الناشئة الغربية في هذا القطاع أقل قدرةً على المنافسة، وتحديداً “غير قابلةٍ للاستثمار” على نطاق عالمي مالم يكن لديها شكلٍ من أشكال التعاون مع الشركات الصينية العملاقة وتحالفات تضمن سلاسل الإمداد الصينية وتستفيد منها. وبضوء ذلك يُغير مستثمرو رأس المال المغامر في الغرب بمن فيهم من شركات بارزة مثل “ثرايف كابيتال” و”كابيتال جروب”، استراتيجيتهم من السعي للمنافسة المباشرة إلى التركيز على الشراكات مع الشركات الصينية أو فهم منظومتها البيئية المعقدة والاستفادة منها. ويدرك هؤلاء المستثمرون أن سياسات البنية التحتية والتوطين المدعومة من الحكومة الصينية تشكل عوائق هائلة أمام الشركات الغربية التي تسعى للاكتفاء الذاتي في هذه القطاعات الحيوية. بالإضافة إلى التحول في التكنولوجيا النظيفة، تبرز أهمية الصين كمركز عالمي للابتكار في قطاعات أخرى، لا سيما الذكاء الاصطناعي. تتزايد أعداد المستثمرين المغامرين الأمريكيين الذين يزورون الصين لدراسة قطاعاتها التكنولوجية سريعة التطور والتفاعل معها، لاغتنام الفرص وتعميق فهم السوق، رغم التوترات الجيوسياسية. وتُقام فعاليات كبرى، مثل قمة شنغهاي العالمية لرأس المال الاستثماري 2025، لتأكيد أهمية الصين كمركز جذب عالمي للمستثمرين. يُظهر هذا المشهد الاستثماري أن تجاهل نفوذ الصين يُهدد بفقدان جوانب حيوية من ثورة التكنولوجيا العالمية. فبالنسبة للعديد من المستثمرين الغربيين، لم تعد زيارة الصين فرصة فحسب، بل أصبحت ضرورة متزايدة للتنقل والمشاركة بفعالية في أكبر أسواق التكنولوجيا وأكثرها تقدمًا في العالم. كما أن بعض المستثمرين الأمريكيين يضخون مليارات الدولارات سرًا في شركات التكنولوجيا الصينية لتحقيق عوائد مرتفعة، مما يعكس نهجاً عملياً يضع الأولوية للمكاسب المالية والوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، حتى مع تعقيد العلاقات بين البلدين.

رحلة الرئيس التنفيذي لشركة فورد

قلبت شركة فورد استثماراتها وخططها عقب زيارة رئيسها التنفيذي للصين العام الماض وكشف وقتها تكامل التصنيع لدى شركات مثل بي واي دي، وقام بفك سيارة بالكامل من تلك الشركة ليكشف أن كل مكوناتها هي من صنع ذات الشركة. وذلك تُعدّ زيارة الصين مفيدةً للغاية للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الجريئة، نظرًا للمشهد الاقتصادي المتنامي والحيوي للبلاد في عام 2025. بالنسبة للمستثمرين عمومًا، لا تزال الصين لاعبًا عالميًا رئيسيًا، بفضل نمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي، وطبقة متوسطة كبيرة ومتنامية، ومراكز ابتكار تكنولوجي (مثل علي بابا، وتينسنت، وبي واي دي)، وحوافز حكومية تستهدف قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة، والتصنيع المتقدم، والتكنولوجيا الحيوية. وتُواصل مبادرة الحزام والطريق الصينية توليد استثمارات ضخمة في البنية التحتية والطاقة، مما يُتيح فرصًا متنوعة في قطاعات متعددة. بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال الجريئة، تُعدّ زيارة الصين أمرًا لا غنى عنه تقريبًا. فهي تُتيح وصولًا مباشرًا إلى أكثر قطاعات التصنيع تقدمًا في العالم في مجال التكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الذكاء الاصطناعي، والقطاعات الناشئة التي يدعمها الدعم الحكومي ومزايا الحجم. ويمكن لأصحاب رؤوس الأموال الجريئة الذين يزورون الصين التعامل بشكل أفضل مع التعقيدات التنظيمية، والتواصل مع الشركاء المحليين، ومعاينة التطورات التكنولوجية عن كثب، وتحديد أهداف الاستثمار في سوق تنافسية وسريعة التطور. وتُجبر هيمنة الصين على تصنيع الطاقة النظيفة والتكنولوجيا على التفكير في الشراكات بدلًا من التنافس المباشر مع الشركات المحلية. في نهاية المطاف، تُعزز الزيارات الميدانية والتفاعل المباشر تدفق الصفقات، والفهم التنظيمي، وفرص بناء الشبكات. كما أنها تُساعد المستثمرين الأجانب على التكيف مع بيئة الأعمال الفريدة في الصين – والتي تُشكلها السياسات الحكومية إلى حد كبير – مما يُقلل المخاطر ويُعظم العوائد. وبالتالي، تُوفر زيارة الصين معلوماتٍ عمليةً ورأس مالٍ لبناء العلاقات، وهو أمرٌ بالغ الأهمية للنجاح في ظل التحديات الجيوسياسية المستمرة والحجم الاقتصادي للصين.

فريق التحرير

فريق التحرير

فريق تحرير أربيان بزنس يمثل مجموعة من المحترفين. يجمع الفريق بين الخبرة الواسعة والرؤية الابتكارية في عالم الصحافة...