بعد أن توليت قيادة فرق تكنولوجيا المعلومات لأكثر من عقدين، يمكنني أن أؤكد لكم أن الأمر يبدأ دائمًا بنفس الطريقة صباح كل يوم: تُسجّل فرق تكنولوجيا المعلومات دخولها وتُفاجأ فورًا بسيل من التنبيهات. تظهر آلاف الإشعارات على شاشاتهم – بعضها حرج، وبعضها مُكرر، والعديد منها إنذارات كاذبة. وبحلول الوقت الذي يُنقّبون فيه عما وراء كل هذه الضجة، قد تكون التهديدات الحقيقية قد استفحلت فعلياً. هذه هي حقيقة التنبيهات المنهكة، حيث يُؤدي فرط المعلومات إلى شلل في اتخاذ القرارات، ويُؤخر زمن الاستجابة، ويُضعف قدرة فرق تكنولوجيا المعلومات على التركيز على المبادرات الاستراتيجية. تتجاوز العواقب تكنولوجيا المعلومات؛ إذ يُؤثر سلبًا على أداء الأعمال والأمن والابتكار.
إنها معضلة يُمكن للذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات (AIOps) معالجتها. يمكن لهذه المنصات إحداث ثورة في إدارة تكنولوجيا المعلومات من خلال الجمع بين الذكاء الاصطناعي والأتمتة، والتحليلات المتقدمة، مما يُمكّن المؤسسات من خفض التكاليف، وتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتقديم تجارب مستخدم فائقة. بالنسبة للمؤسسات في الشرق الأوسط، حيث تُظهر الأبحاث أن 92% من قادة تكنولوجيا المعلومات السعوديين يُدركون أهمية قابلية المراقبة في جميع عناصر تكنولوجيا المعلومات في استراتيجية عمليات تكنولوجيا المعلومات الذكية (AIOps)، فإن الطلب على حلول تكنولوجيا المعلومات القائمة على الذكاء الاصطناعي لم يكن أعلى من أي وقت مضى. ومع سعي المؤسسات إلى تحقيق التوازن بين التحول الرقمي والكفاءة التشغيلية، تُثبت عمليات تكنولوجيا المعلومات الذكية (AIOps) أنها أداة لا غنى عنها.
حل للعديد من تحديات تكنولوجيا المعلومات
دعونا نستكشف ما يُصعّب إدارة تكنولوجيا المعلومات حاليًا. بدايةً، تُجبر طبيعة الأنظمة القديمة فرق تكنولوجيا المعلومات غالبًا على اتباع نهج تفاعلي في المعالجة، مما يعني أن الحوادث قد تُلحق الضرر بالكفاءة التشغيلية والأمن حتى قبل ملاحظتها. ومع ذلك، مع عمليات تكنولوجيا المعلومات الذكية (AIOps)، لم يعد الموظفون يبدؤون العمل بحذر، حيث يُمكنهم تسخير برامج التحليل التنبئي لتحديد التهديدات بشكل استباقي قبل تفاقمها.
يُمثل التحميل الزائد للبيانات عقبة رئيسية أخرى. تُنتج بيئات تكنولوجيا المعلومات الحديثة كميات هائلة من البيانات، يبقى معظمها غير مُستغل أو غير متاح. ولكن بفضل القدرة على معالجة هذه الثروة من المعلومات باستمرار، تُجنّب عمليات الذكاء الاصطناعي (AIOps) محترفي تكنولوجيا المعلومات إضاعة وقتهم في البحث اليدوي عن كل مصدر بيانات. ومع ذلك، يُعدّ امتلاك مخزن بيانات مركزي أمرًا بالغ الأهمية هنا، لأنه بدون بيانات مُنظّمة وسهلة الوصول، لا يُمكن لحلول الذكاء الاصطناعي الوفاء بوعودها الكاملة.
كما يُؤدي عدم إمكانية الوصول إلى البيانات إلى خلق نقاط ضعف مُشكلة، لا سيما في المؤسسات التي تعمل عبر بيئات سحابية ومحلية مُتعددة. من خلال إتاحة رؤية شاملة لجميع جوانب البيئة الرقمية، تُساعد عمليات الذكاء الاصطناعي (AIOps) المؤسسات على ربط إداراتها المُنعزلة وإعادة فرق تكنولوجيا المعلومات إلى دائرة الضوء.
ومما يُفاقم كل هذه التحديات النقص المُستمر في مُختصي تكنولوجيا المعلومات المُهرة، مما يُعيق قدرة المؤسسة على تحقيق تقدم تكنولوجي إيجابي داخليًا بثقة. يُمكن لعمليات الذكاء الاصطناعي (AIOps) تعويض هذا النقص في المواهب – وكذلك تحسين استبقاء الموظفين – من خلال أتمتة المهام الروتينية، مما يسمح للمؤسسات بالتوسع بشكل أكبر دون إثقال كاهل موظفيها المُهمّين.
تعزيز الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف
تجدر الإشارة إلى أن عمليات تكنولوجيا المعلومات المتكاملة (AIOps) لا تقتصر على حل المشكلات فحسب، بل تُعيد هيكلة عمليات تكنولوجيا المعلومات جذريًا لتصبح أكثر ذكاءً وإنتاجيةً وفعاليةً من حيث التكلفة. ومن خلال الاستفادة من التحليلات الفورية، تُمكّن هذه العمليات المؤسسات من مواءمة استراتيجيات تكنولوجيا المعلومات مع أهداف العمل. على سبيل المثال، استخدم بنك عالمي عمليات AIOps للحفاظ على الامتثال عبر 125,000 جهاز خلال عمليات ترقيات حرجة، مما يضمن سلاسة العمليات.
إلى جانب اتخاذ القرارات الاستراتيجية، تُحسّن عمليات AIOps إدارة أصول تكنولوجيا المعلومات من خلال تدقيق استخدام البرامج وأتمتة ترقيات الأجهزة والبرامج. وقد وفرت شركة رائدة في مجال برمجيات إدارة الموارد البشرية ما يقرب من مليون دولار أمريكي من خلال استعادة تراخيص البرامج غير المستخدمة، مما يُظهر الأثر المالي لأتمتة تكنولوجيا المعلومات القائمة على الذكاء الاصطناعي.
تستفيد مكاتب خدمات تكنولوجيا المعلومات، التي غالبًا ما تُثقل بأعداد كبيرة من الطلبات، بشكل كبير من عمليات AIOps. وقد قامت إحدى شركات الاتصالات الكبرى بأتمتة عمليات الفرز، مُنفذةً ما يقرب من 10,000 عملية إصلاح شهريًا. أدى ذلك إلى تحقيق وفورات تجاوزت مليون دولار أمريكي سنويًا، وتوفير ما بين 50 و75 ساعة عمل يوميًا لمكتب خدمة تكنولوجيا المعلومات – وهو وقت كان من الممكن توجيهه نحو الابتكار وتحسين خدمة العملاء.
كما تُعزز عمليات AIOps أتمتة سير العمل، مما يُقلل من التدخل اليدوي لفرق تكنولوجيا المعلومات. على سبيل المثال، استخدمت مؤسسة NHS Foundation Trust عمليات AIOps لحل مشكلات عدم استجابة الأجهزة، مما أدى إلى توفير أكثر من 2500 ساعة عمل شهريًا. في القطاعات التي تُعتبر فيها كل ثانية مهمة، تُترجم هذه الكفاءات إلى مزايا ملموسة للأعمال والتشغيل.
يُعد الوقت والمال أهم الجوانب التي تُحدد أي عملية فعالة لتكنولوجيا المعلومات، ويمكن لعمليات AIOps تحسين كيفية استخدام المؤسسات لكليهما بشكل كبير. إن خفض تكلفة إدارة الحوادث، وضمان جاهزية النظام، وتوجيه القرارات الاستراتيجية، يسمح للمؤسسات بتقديم خدمات رقمية عالية الجودة في المجالات التي سيستفيد منها المستخدمون أكثر من غيرها.
البقاء في الصدارة
يجب على أي شركة ذات رؤية مستقبلية أن تتكيف بشكل استباقي مع تحديات المستقبل، ولكن في ظلّ بيئة الأعمال الرقمية الحالية، يُعدّ الحفاظ على القدرة التنافسية أمرًا بالغ الأهمية. لذا، بمجرد أن تُحدث أنظمة AIOps ثورةً في الإنتاجية التشغيلية وتحمي هذه النتيجة النهائية بالغة الأهمية، يُمكن الاستمرار في استخدامها لقيادة الابتكار الاستراتيجي.
على المستوى اللوجستي البحت، تُتيح أتمتة عمليات تكنولوجيا المعلومات المُستهلكة للوقت للشركات إعادة التركيز على المشاريع التحويلية. من خلال إزالة الاختناقات التشغيلية، تُتيح أنظمة AIOps الفرصة للمؤسسات لتطوير المزيد من المبادرات المُحسّنة للتكاليف والأداء – مثل اعتماد السحابة أو تحسينات الأمان – دون أن تُعيقها قيود تكنولوجيا المعلومات.
وبالمثل، من المُفيد أن يكون تأثير برامج أتمتة AIOps على التجارب الرقمية قابلاً للقياس. على سبيل المثال، قامت إحدى المؤسسات المالية متوسطة الحجم بحل أكثر من 15,000 حادثة خلال فترة ثلاثة أشهر، مما أدى إلى توفير 20 دقيقة من الموارد لكل حادثة في المتوسط، ونتيجةً لذلك، تمكنت من تحسين رضا العملاء مع تسريع إنتاجية الموظفين.
تُعدّ المرونة الاستراتيجية أساسيةً لتعظيم هذه الفوائد في مجالات التمويل والأداء والرعاية الاجتماعية. ولذلك، تُعدّ الرؤى الفورية التي تُقدّمها أنظمة AIOps لا تُقدّر بثمن، لأنها تُمكّن المؤسسات من التكيف بسرعة مع ظروف السوق المتغيرة. كما تُساعد القدرة على العمل بناءً على البيانات المباشرة المؤسسات على فهم احتياجاتها التشغيلية بشكل أوضح، مما يُزوّدها بدوره بالأدوات اللازمة لدفع عجلة النمو.
مُحفّز للابتكار في الشرق الأوسط
يشهد الاقتصاد الرقمي في الشرق الأوسط توسّعًا سريعًا، حيث تستثمر المؤسسات بكثافة في الذكاء الاصطناعي والأتمتة لتعزيز الكفاءة التشغيلية. والجدير بالذكر أن 59% من قادة تكنولوجيا المعلومات السعوديين يُشيرون إلى الكفاءة التشغيلية – وليس النمو فقط – كدافعهم الرئيسي لاعتماد الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، تتزايد الثقة بالذكاء الاصطناعي، حيث يُفضّل عدد أكبر من القادة أتمتة ترقيات تكنولوجيا المعلومات الرئيسية (59%) مُقارنةً بالجلوس في سيارة ذاتية القيادة في زحام المدينة (41%). تُشير هذه التصورات المتغيرة إلى اعتماد متزايد على اتخاذ القرارات المُستندة إلى الذكاء الاصطناعي في إدارة تكنولوجيا المعلومات.
مع سعي الشركات في جميع أنحاء المنطقة نحو التحوّل الرقمي واسع النطاق، تُمثّل أنظمة AIOps مُمكّنًا استراتيجيًا، حيث تُسدّ الفجوة بين تعقيد تكنولوجيا المعلومات ومرونة الأعمال. من خلال تحسين المرونة، وخفض التكاليف، وتوفير إدارة استباقية لتكنولوجيا المعلومات، يمكن للمؤسسات مواكبة تحولات السوق والحفاظ على ميزة تنافسية. في ظل المشهد الرقمي المتسارع في الشرق الأوسط، لا تُعدّ عمليات تكنولوجيا المعلومات الذكية (AIOps) مجرد عامل تعزيز للكفاءة، بل تُحدث نقلة نوعية في مستقبل تكنولوجيا المعلومات.
- تابعونا:
