كشفت منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”، في إعلان مثير للدهشة، أن مجموعة “أوبك+” قد اتخذت قراراً هاماً خلال اجتماعها الأخير في فيينا يوم الأحد، وبدءاً من كانون الثاني / يناير 2024، ستتم زيادة جهودهم لتغيير مستوى إنتاج التكتل إلى 40.4 مليون برميل يومياً لمدة عام كامل، يُعَدّ هذا القرار خطوة مهمة تهدف إلى تنظيم سوق النفط وضبط التوازن بين العرض والطلب، وسيشهد العالم تحوّلاً كبيراً في صناعة النفط في الفترة المقبلة.
وبحسب بيان نُشِرَ على موقع منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”، جرى التوافق على تنظيم اجتماعات وزارية لمجموعة “أوبك+” كل ستة أشهر، والتي تضم أعضاء أوبك بالإضافة إلى منتجين آخرين مثل روسيا. وتهدف هذه الاجتماعات إلى تعزيز التعاون وتحقيق الاستقرار في سوق النفط.
وأُعلِنَ أيضاً في البيان أن الاجتماع القادم لمجموعة “أوبك+” سيُعقَد في فيينا في 26 تشرين الثاني / نوفمبر المقبل.
يعكس هذا الإعلان رغبة التكتل في الاستمرار في تعزيز التنسيق واتخاذ القرارات الهامة لصناعة النفط بشكل منتظم، مما يعزز الثقة في سوق النفط العالمية.
وبحسب البيان، تم اتخاذ قرار بمنح اللجنة المراقبة الوزارية المشتركة سلطة عقد اجتماعات إضافية، أو طلب عقد اجتماع وزاري لمجموعة “أوبك+” في أي وقت يكون ذلك ضروريًا لمواجهة التطورات في سوق النفط.
وتعتبر “أوبك+” مسؤولة عن حوالي 40% من إنتاج النفط الخام في العالم، وبالتالي، فإن قراراتها تؤثر بشكل كبير على أسعار النفط.
وفي هذا الحدث الاستثنائي، اجتمع وزراء الدول الـ13 الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في مقر المنظمة في فيينا برعاية السعودية. وانضم إليهم الشركاء العشرة، بقيادة روسيا، تمت خلال الاجتماع صياغة قرار هام يهم صناعة النفط والطاقة.
ويبرهن هذا الحدث على التعاون والتنسيق القوي بين دول أوبك وشركائهم، حيث يعملون سوياً لمواجهة تحديات السوق والحفاظ على استقرار القطاع النفطي.
ويؤكد الدور القيادي للسعودية في استضافة هذا الاجتماع دورها المهم في القيادة وتعزيز التعاون الدولي في صناعة النفط.
اعلان سعودي فاجأ الأسواق
وفي إعلان مفاجئ، كشفت وزارة الطاقة السعودية عن قرار المملكة بتنفيذ تخفيض تطوعي في إنتاجها من البترول الخام، حيث ستقلص إنتاجها بمقدار مليون برميل يومياً ابتداءً من شهر يوليو، لمدة شهر قابلة للتمديد. هذه الخطوة الجريئة تعكس التزام السعودية بتعزيز استقرار سوق النفط وتنظيم التوازن بين العرض والطلب.
قرار السعودية هذا ليس فقط مهم بشكل فردي، بل يعكس أيضاً التزامها بالمساهمة في جهود أوبك+ وتحقيق الاستقرار العالمي في أسواق النفط، إن القدرة على تنفيذ تخفيض تطوعي بمثل هذا الحجم تعزز موقع السعودية كشريك رئيسي في صناعة النفط العالمية.
وأثنى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلطان على القرار الذي اتخذه تحالف “أوبك بلس”، مؤكدًا أنه سيساهم في تعزيز استقرار أسواق النفط ومنع التذبذب الحاد في أسعار الخام، سواء في الارتفاع أو الانخفاض.
وفي ما يتعلق بروسيا، أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن بلاده ستستمر في تخفيضاتها النفطية الطوعية بمقدار نصف مليون برميل يومياً حتى نهاية العام الحالي. وأضاف نوفاك بثقة قائلاً: “نحن نرى أن سوق النفط تظهر توازنًا ملحوظًا، ونلاحظ زيادة في الطلب”.
وتم الإعلان عن قرارات استثنائية لعدد من دول المصدرين للنفط، حيث قررت تمديد الخفض الطوعي في إنتاجها، وهذا يعكس التزامها الجاد بتحقيق استقرار سوق النفط. ففي هذا السياق، أعلنت وزارة النفط العراقية أنها ستواصل تقليص إنتاج النفط الطوعي بمقدار 211 ألف برميل يومياً حتى نهاية عام 2024. بدوره، أكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي أن الإمارات ستمدد الخفض الطوعي في إنتاجها بحوالي 144 ألف برميل يومياً حتى نهاية كانون الأول / ديسمبر المقبل. وأفادت وكالة الأنباء الكويتية أن الكويت ستواصل خفض إنتاجها البالغ 128 ألف برميل يومياً حتى نهاية العام الحالي. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت وزارة الطاقة الجزائرية أن الجزائر ستواصل تقليص إنتاجها الطوعي بمقدار 48 ألف برميل يوميًا حتى نهاية عام 2024.
لماذا تلجأ أوبك بلس لخفض إنتاج النفط؟
تقوم أوبك بلس باللجوء إلى خفض إنتاج النفط بهدف تحقيق عدة أهداف:
تنظيم العرض والطلب: يهدف خفض إنتاج النفط إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب في سوق النفط العالمية. عندما يكون العرض أكثر من الطلب، فإن ذلك يؤدي إلى تخمة في المخزونات وتراجع في أسعار النفط. بتقليص الإنتاج، يمكن لأوبك بلس تقليص العرض وتعزيز التوازن في السوق.
دعم أسعار النفط: من خلال خفض الإنتاج، يسعى أوبك بلس لدعم أسعار النفط ومنع تذبذبها الحاد. فعندما تكون الأسعار منخفضة بشكل مستمر، يمكن أن تتضرر دول المصدرة للنفط وتجد صعوبة في تحقيق إيرادات كافية لتمويل برامجها ومشاريعها الاقتصادية.
تعزيز استقرار سوق النفط: بتنظيم الإنتاج ومنع التذبذب الشديد في أسعار النفط، يساهم خفض إنتاج النفط في تعزيز استقرار سوق النفط على المدى الطويل. وبالتالي، يمكن للمستهلكين والشركات النفطية التخطيط واتخاذ قرارات استثمارية بشكل أفضل.
إجراء خفض إنتاج النفط هو أداة استراتيجية تستخدمها أوبك بلس ودول المنظمة للمساهمة في تحقيق استقرار سوق النفط وتوازن العرض والطلب، وهو أمر حيوي لصناعة النفط واقتصادات الدول المصدرة للنفط.
وهناك أسباب أخرى لخفض الانتاج تتمثل بـ:
- سيتم استخدام خفض إنتاج النفط كوسيلة لمعاقبة المراهنين، حيث سيتم تنفيذ عقوبات ضد البائعين الذين يراهنون على انخفاض أسعار النفط. وفي عام 2020، حذر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان التجار من زيادة المراهنات في سوق النفط وأكد أن المراهنين على سعر النفط سيواجهون عواقب قاسية. وتكرر تحذيره مؤخراً، مما أثار التكهنات بأن “أوبك بلس” قد تفكر في زيادة خفض إنتاج النفط.
- قد يؤدي أي خفض إضافي من قبل أوبك بلس أيضاً إلى حدوث توترات مع الدول المستهلكة الرئيسية التي تسعى لمكافحة التضخم من خلال زيادة تكاليف الاقتراض. وقد وصفت الولايات المتحدة إجراءات “أوبك بلس” في الشهر الماضي بأنها غير مناسبة، وكانت الغرب قد انتقد أوبك بلس عدة مرات.
- تدرس الولايات المتحدة إصدار تشريع يُعرف باسم “نوبك”، والذي قد يتيح مصادرة أصول أوبك على الأراضي الأمريكية إذا ثبت تواطؤها في تقويض استقرار السوق. كما انتقدت “أوبك بلس” وكالة الطاقة الدولية، التي تعد الولايات المتحدة أكبر مانح مالي لها، عندما قامت بإطلاق مخزونات النفط الاستراتيجية العام الماضي، وأكدت أن ذلك كان ضروريًا لخفض الأسعار في ظل مخاوف من تعطيل إمدادات النفط الروسية بسبب العقوبات.
ومع تزايد التحديات والتوترات المرتبطة بتغيرات الطلب والعرض، يواجه أوبك وشركاؤه الصعوبات في الحفاظ على استقرار السوق، فهم مدركون تماماً لأهمية توازن الأسعار وتجنب التقلبات الكبيرة التي يمكن أن تؤثر سلباً على الاقتصادات العالمية.
