في ربيع عام 2025، وبينما تواصل دبي ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار والطموح، وجدت شخصية قيادية نفسها محط أنظار مجتمع الأعمال الإقليمي. علي الجبيلي، المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “وان للتطوير العقاري” (ONE Development)، لم يكن مجرد اسم جديد يتردد في أروقة القطاع العقاري المزدهر، بل كان يمثل تجسيداً لروح العصر في الإمارات؛ خلصة بعد الضجة التي أحدثها إطلاق فنادق “دو بوتيك” (DO Boutique Hotels) في أوائل العام، وهو مشروع طموح يجمع بين الذكاء الاصطناعي والموسيقى والصحة بالتعاون مع النجم العربي المصري عمرو دياب.
علي الجبيلي ليس مجرد مطور عقاري؛ إنه يمثل مزيجاً فريداً يميز مشهد الأعمال في الإمارات: فهو يجمع بين الإرث العائلي العريق في ريادة الأعمال وبين تبني جريء للتكنولوجيا المتطورة والابتكار الذي يعيد تعريف الأسواق. إنه قائد مدفوع بشغف شخصي عميق، يسعى من خلال شركته “وان للتطوير العقاري” إلى إعادة صياغة مفهوم الحياة الحضرية، مستخدماً الذكاء الاصطناعي ليس كأداة ترفيهية، بل كعنصر أساسي لتعزيز التواصل الإنساني والمجتمعي والرفاهية.
هذه ليست مجرد قصة عن بناء العقارات؛ إنها حكاية عن بناء المستقبل. حكاية قائد يؤمن بأن النجاح الحقيقي يكمن في الاستمرارية والنمو، وأن القيمة الأسمى تنبع من إضافة شيء حقيقي وملموس لحياة الناس كما قال في مقابلتنا معه. إنها رحلة علي الجبيلي وشركته “وان للتطوير العقاري” في عام 2025، عامٌ رسمت فيه ملامح جديدة للمعيشة العصرية، مستلهمةً من احتياجات الإنسان ومدعومة
بقوة التكنولوجيا.


الجذور والصدى – الحمض النووي لريادة الأعمال
لفهم المسار الذي يسلكه علي الجبيلي، لا بد من العودة إلى الجذور. هو نفسه يشير إلى “الحمض النووي” (DNA) في عائلته، مؤكداً أن ريادة الأعمال متأصلة فيهم عبر الأجيال، بدءاً من الجد ووصولاً إلى الوالد، وهو يطمح لنقل هذا الإرث للأجيال القادمة. هذه الخلفية العائلية، لم تمنحه مجرد أساس متين في عالم الأعمال، بل غرست فيه عقلية المستثمر منذ الصغر. يقول الجبيلي: “فكرة رائد الأعمال أو المستثمر – بغض النظر عن المؤهلات، سواء كنت مهندساً أو طبيباً – كانت ترافقني منذ الطفولة. واليوم ما زلت أرى نفسي مستثمراً لديّ رسالة واضحة: أن أضيف قيمة حقيقية في أي استثمار أو عمل أشارك فيه”.
هذه الخلفية المتينة، التي تشمل أيضاً رئاسته لمجلس إدارة شركة الجبيلي القابضة ومنصبه كمدير تنفيذي وعضو منتدب لشركة إي إتش سي للاستثمار، تبرز قدرته على إدارة محافظ استثمارية متنوعة ومعقدة. ومع ذلك، فإن انتقاله إلى قطاع التطوير العقاري لم يكن مجرد تنويع استراتيجي للمحفظة العائلية؛ بل كان قراراً نابعاً من قناعة شخصية عميقة. “بالنسبة لي هو نفس النهج لكن بأسلوب مختلف وأكثر تنوعاً”، يوضح الجبيلي، مضيفاً أن “النجاح في رأيي مرتبط بالشغف. علاقتي بالعقار شغف، وهذا الشغف دفعني للاستثمار في القطاع”. هذا الشغف لم يكن اندفاعاً عاطفياً، بل جاء “طبعاً بعد دراسة الفجوات في السوق واتخاذ خطوات استثمارية سليمة مبنية على الدراسات اللازمة”. كما توسع لاحقاً ليشمل الاستثمار في التكنولوجيا، مكملاً بذلك دائرة اهتماماته التي تجمع بين الإرث والابتكار.
عندما سُئل عن صعوبة الموازنة بين إرث العائلة وكسر التقاليد، رفض الجبيلي فكرة “التقاليد الجامدة”. بدلاً من ذلك، تحدث عن “نهج وأساسيات” عائلية، أهمها “استخدام الأدوات الصحيحة في أي استثمار – الدراسات، والاعتماد على المختصين أصحاب الخبرة”. يرى أن النهج ثابت، لكن “طريقة التفكير (mind-set) تختلف من جيل لآخر بحسب متطلبات العصر. الأساس لا يتغيّر، لكن المهم أن تمتلك أسلوب تفكير مختلفاً يوظّف نفس النهج بطرق مناسبة للزمن”.
هذا الفهم العميق للعلاقة بين الإرث والحداثة هو ما يميز مسيرة الجبيلي. فهو لا يتبرأ من جذوره الراسخة في عالم الأعمال التقليدي، بل يستفيد من مبادئه الأساسية – كالاعتماد على الدراسات المتأنية والخبرات المتخصصة – لتطبيقها في مجالات جديدة ومبتكرة يقودها شغفه الشخصي، مثل التطوير العقاري المدعوم بالذكاء الاصطناعي. إن نجاح شركة “وان للتطوير العقاري” السريع والملحوظ هو شهادة على فعالية هذا النهج المزدوج، الذي يجمع بين حكمة الماضي ورؤية المستقبل. إنه يثبت أن الإرث لا يجب أن يكون قيداً، بل يمكن أن يكون منصة انطلاق قوية نحو آفاق جديدة، شرط امتلاك عقلية مرنة قادرة على التكيف مع متطلبات العصر.
بناء الرؤية – “وان للتطوير العقاري”
عندما تأسست شركة “وان للتطوير العقاري” في عام 2024، لم تكن مجرد إضافة جديدة إلى سوق العقارات الإماراتي المزدحم، بل كانت تحمل رؤية طموحة تتجاوز الممارسات التقليدية. مهمتها، كما تعبر عنها الشركة، هي “تغيير مفهوم التطوير العقاري” و “خلق مساحات معيشة حديثة تمكن الناس من التواصل مع بعضهم البعض ومع العالم من حولهم”. هذه الرؤية تستند إلى أربع قيم أساسية: الاستدامة، المجتمع، التكنولوجيا، والابتكار. وفي عام 2025، بدأت هذه الرؤية تتجسد بوضوح، ليس فقط من خلال المشاريع قيد الإنشاء، بل أيضاً من خلال الفلسفة التي تقود الشركة.
يعكس الجبيلي هذا الطموح بقوله: “أردنا إنشاء مجتمعات تتجاوز العقارات التقليدية”. فبالنسبة له، لم يعد الأمر يتعلق فقط ببناء المنازل، بل “بتصميم أنظمة بيئية ذكية تتوقع احتياجات السكان المستقبلية”. هذه المساحات تهدف لأن تكون أكثر ذكاءً وترابطاً، ومدمجة بعمق مع التكنولوجيا والاستدامة لتعزيز الحياة اليومية.
في قلب هذه الرؤية تكمن فلسفة “نستلهم منك” (Inspired by You). هذه ليست مجرد شعار تسويقي، بل هي نهج عمل أساسي يؤكد عليه الجبيلي وفريقه. يضمن هذا المبدأ أن يبدأ كل مشروع بفهم عميق لأحلام ومتطلبات العملاء الفريدة. بدلاً من الاعتماد فقط على اتجاهات السوق العامة، تعطي “وان للتطوير العقاري” الأولوية للتفاعل مع السكان المحتملين منذ المراحل الأولى للمشروع، من خلال الحوارات الهادفة وحلقات التغذية الراجعة، للحصول على رؤى عميقة حول تفضيلاتهم وتوقعاتهم المحددة.
هذا التركيز على الإنسان يصبح ذا أهمية خاصة في سوق عام 2025 الذي يشهد تشبعاً متزايداً بالتكنولوجيا. فبينما تتبنى العديد من الشركات العقارية في الإمارات الذكاء الاصطناعي وتقنيات المنازل الذكية، فإن فلسفة “نستلهم منك” تضع “وان للتطوير العقاري” في موقع متميز. إنها تقدم سرداً مقنعاً بأن تكاملها التكنولوجي ليس مجرد إضافة باردة أو تقنية من أجل التقنية، بل هو أداة تم اختيارها وتطبيقها بعناية لتلبية احتياجات إنسانية محددة تتعلق بالراحة والأمان والرفاهية والتواصل. هذا النهج الذي يضع التجربة الإنسانية في المركز قد يتردد صداه بقوة أكبر لدى المشترين الذين يبحثون عن معنى وقيمة حقيقية تتجاوز مجرد الميزات التقنية، وهو ما يتماشى مع التوجه نحو مجتمعات “طول العمر” التي تركز على الرفاهية الشاملة والتي بدأ الحديث عنها في عام 2025.


المشروع الرائد يتشكل – “لاجونا ريزيدنس” في عام 2025
دخلت “وان للتطوير العقاري” عام 2025 وهي تمتطي موجة من الزخم القوي. ففي أواخر عام 2024، أحدث مشروعها الرائد “لاجونا ريزيدنس” (Laguna Residence) ضجة كبيرة في السوق. تم إطلاق المشروع الذي تزيد قيمته عن 2 مليار درهم إماراتي في أكتوبر، وبحلول نوفمبر، تم بيع المرحلة الأولى بالكامل في أقل من شهر، مما عكس ثقة المستثمرين القوية وجاذبية المفهوم الفريد للمشروع.
لم تتباطأ وتيرة العمل مع بداية عام 2025. ففي ديسمبر 2024، تم وضع حجر الأساس للمشروع، بعد 55 يوماً فقط من إطلاقه الرسمي. هذا الإنجاز السريع، الذي تم تسليط الضوء عليه مراراً وتكراراً في عام 2025، لم يكن مجرد علامة فارقة في الجدول الزمني للمشروع، بل كان رسالة استراتيجية موجهة للسوق. في خضم النشاط العقاري المحموم الذي شهدته دبي في الربع الأول من عام 2025، والذي سجل أرقاماً قياسية في حجم وقيمة المعاملات، جاء هذا التنفيذ السريع ليؤكد على القدرة التشغيلية العالية لشركة “وان للتطوير العقاري”، وحسمها، والدعم المالي القوي الذي تتمتع به، على الرغم من حداثة عهدها نسبياً (تأسست عام 2024). لقد ساهم ذلك في بناء مصداقية حيوية للشركة وتمييزها عن المنافسين المحتملين الأبطأ أو الأقل حسماً في السوق.
مع تقدم أعمال البناء في عام 2025 نحو هدف التسليم المحدد في الربع الأخير من عام 2027، استمر التركيز على جوهر المشروع: تكامل الذكاء الاصطناعي. يتم تسويق “لاجونا ريزيدنس” باستمرار كأول مجتمع سكني متكامل تماماً بتقنيات الذكاء الاصطناعي في المنطقة. إصرار الجبيلي على أن الذكاء الاصطناعي هو “ضرورة استراتيجية وليس رفاهية” يتجلى بوضوح هنا. تتجاوز التطبيقات العملية التي تم الكشف عنها في عام 2025 مجرد ميزات “المنزل الذكي” العامة. تشمل هذه التطبيقات أتمتة المنازل، وخدمات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وإدارة المرافق، وحجزها، وإدارة الصيانة والسلامة، وكل ذلك بهدف تبسيط معيشة العميل اليومية وتعزيز الراحة والأمان والاستدامة.
أحد أكثر الجوانب إثارة للاهتمام التي تم الكشف عنها في عام 2025 هو المفهوم المبتكر لاستخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل الساعات الذكية، لمراقبة العلامات الحيوية للسكان في الوقت الفعلي. تتيح هذه التقنية اتخاذ إجراءات فورية في حالات الطوارئ الطبية، حيث يمكن للجهاز إخطار فريق أمن المبنى تلقائياً لاستدعاء الإسعاف ومساعدة المقيم.
هذا النهج الاستباقي نحو الصحة والسلامة يمثل قفزة نوعية تتجاوز مجرد توفير الراحة، ليشمل الرفاهية الاستباقية، ويضع “لاجونا ريزيدنس” في طليعة الاتجاهات المتقدمة للذكاء الاصطناعي في القطاع العقاري الإماراتي لعام 2025، والتي تشمل الصيانة التنبؤية والتجارب الشخصية وحتى “مجتمعات طول العمر”. إنه يؤكد أن رؤية “وان للتطوير العقاري” للذكاء الاصطناعي لا تقتصر على الميزات الظاهرية، بل تهدف إلى إنشاء “نظام بيئي ذكي” يعزز بشكل استباقي جودة الحياة.
بالإضافة إلى جوهره التكنولوجي، يتميز “لاجونا ريزيدنس” بمقومات فريدة أخرى تم التأكيد عليها في عام 2025. أبرزها البحيرة الاصطناعية الأكبر في الإمارات على مستوى المنصة (البوديوم)، والتي توفر واجهة مائية فريدة وأجواء شاطئية هادئة. كما يضم المشروع أكثر من 40 مرفقاً متميزاً مصمماً لتعزيز أسلوب حياة نشط واجتماعي، بما في ذلك مسابح لا متناهية، ومسار للجري، وصالات رياضية داخلية وخارجية، ومساحات لليوغا، وملاعب جولف افتراضية (VR)، وغرف سينما، ومناطق لعب للأطفال، وحتى منصة لركوب الأمواج. تتنوع الوحدات السكنية لتلبية احتياجات مختلفة، من الاستوديوهات العملية إلى شقق البنتهاوس الفاخرة “سكاي هومز” (Skyhomes)، مما يعكس التزام الشركة بتلبية احتياجات قاعدة واسعة من العملاء، وهو ما يتماشى مع تأكيد الجبيلي على أهمية تصميم مشاريع تلائم احتياجات الجميع في بيئة متعددة الجنسيات مثل الإمارات.
فاصل موسيقي: فلسفة المايسترو – القيادة والنمو
وراء المشاريع الطموحة والتقنيات المتطورة، يقف قائد ذو فلسفة واضحة حول القيادة والنجاح. يرى علي الجبيلي أن القيادة هي “موهبة من الله، لكنها لا تنمو بلا تعليم وخبرة”. هذه الموهبة، حسب رأيه، تحتاج إلى صقل مستمر من خلال التعلم من المشاريع والتحديات والزملاء، بغض النظر عن مستويات خبرتهم. في حواراته ومقابلاته خلال عام 2025، وكذلك في مقابلتنا معه، تتضح معالم هذه الفلسفة القيادية.
إنه يؤمن بأن النجاح ليس عملاً فردياً. “النجاح لا يُنسب لرئيس مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي وحده؛ السر في وجود فريق كفؤ من أصحاب الاختصاص”. يشدد على أهمية وجود مدير مالي بارع، ومدير تطوير متمكن، ومدير استراتيجي خبير، وغيرهم من الكفاءات التي تشكل منظومة متكاملة قادرة على إدارة أي مشروع مهما بلغ حجمه. هذا الإيمان يترجم إلى أسلوب قيادة يركز على “تحويل الرؤية إلى نتائج ملموسة”، ليس فقط من خلال دفع عجلة الشركة إلى الأمام، بل أيضاً عبر “تمكين فريقه للوصول إلى آفاق جديدة، ورعاية ثقافة يمتلك فيها كل فرد الأدوات والموارد والثقة لتحقيق النجاح”. يؤكد الجبيلي على أهمية خلق بيئة تشجع على المساءلة والملكية والتعلم المستمر والابتكار، حيث لا يُخشى الفشل، بل يُنظر إليه كـ “نقطة انطلاق نحو نجاح أكبر”.
هذه القدرة على التعامل مع التحديات والنكسات المحتملة متجذرة بعمق في عقليته. “كل يوم في حياتنا فيه تحديات وعقبات”، يقول الجبيلي، رافضاً فكرة الفشل المطلق. “كلمة فشل أو ‹البداية من الصفر› هي مسألة ذهنية”. يؤمن بأن النجاح المستدام لا يأتي دون عناء، وأن الحفاظ عليه هو التحدي الأصعب. لذلك، يحرص دائماً على الشغف والالتزام، وعلى وجود خطط بديلة متعددة – “خطة أ وب وج ود – إلى ما لا نهاية”. إصراره واضح: “إذا لم أصل للهدف في المحاولة الأولى أو الثانية أو المئة، أستمر حتى أصل؛ لا يوجد مستحيل طالما الهدف واضح”.
هذه المرونة والمثابرة تترافقان مع رؤية استراتيجية واضحة. بالنسبة للجبيلي، النجاح ليس “قمّة تُبلَغ”، بل هو “الاستمرار في النمو”. يرى أنه من الضروري مواكبة التكنولوجيا وأحدث أساليب التخطيط الاستراتيجي، وإدراك التحديات الجيوسياسية. وعلى الرغم من وجود خطط خمسية للشركة، إلا أنه يراجعها ويحدثها باستمرار، “أحياناً كل شهر”. يتم الحفاظ على وضوح الرؤية في سوق ديناميكي من خلال دراسة أي تغيير، كبيراً كان أم صغيراً، لمعرفة تأثيره على خطة العمل، ثم تعديلها وفقاً للمعطيات الجديدة. هذه القدرة على التكيف المستمر هي جوهر الحفاظ على الزخم في بيئة الأعمال المتغيرة لعام 2025.
يرتكز طموحه على أسس واقعية. فعند تحديد الأهداف، يعتمد الجبيلي على موازنة ثلاثة معايير أساسية: “الكفاءات والكوادر البشرية، الخبرات المكتسبة، والملاءة المالية”. من خلال هذه الموازنة، يتم تحديد ما يمكن تحقيقه فعلياً ورسم الأهداف وفقاً لذلك، مما يضمن أن تظل الطموحات الكبيرة قابلة للتحقيق.
تناغم جديد – فنادق “دو بوتيك”
مع حلول شهر فبراير 2025، كشفت “وان للتطوير العقاري” عن خطوة جريئة أخرى، موسعةً نطاق طموحاتها إلى قطاع الضيافة. تم الإعلان عن إطلاق “وان/إيه دي للتطوير” (ONE/AD Development) ومفهوم فنادق “دو بوتيك” (DO Boutique Hotels)، وهو مشروع تم تأسيسه بالتعاون مع الأسطورة المصرية والنجم العالمي عمرو دياب. جاء هذا الإطلاق بعد أشهر قليلة من الإعلان في أواخر عام 2024 عن اختيار عمرو دياب سفيراً رسمياً للعلامة التجارية لشركة “وان للتطوير العقاري” لمدة عامين، مما مهد الطريق لشراكة أعمق.
وُصف مفهوم “دو بوتيك” منذ اللحظة الأولى بأنه “مُحدِث للتغيير” (disruptive) في صناعة الضيافة. يهدف المشروع إلى تقديم تجربة فندقية فريدة من نوعها في الإمارات، تمزج بسلاسة بين ثلاثة عناصر رئيسية: الذكاء الاصطناعي، والموسيقى، والصحة (الرفاهية).
سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب شخصية للضيوف، وربما لدعم عمليات الحجز وتعزيز الكفاءة التشغيلية، مما يتماشى مع خبرة “وان للتطوير العقاري” في دمج الذكاء الاصطناعي في مشاريعها العقارية.
أما الموسيقى فستكون هي “نبض الفندق” ، حيث يشكل جوهر التجربة. يحمل المشروع شعار “عش الإيقاع” (Live the Beat). سيتم الاستفادة من التأثير العالمي لعمرو دياب لخلق أجواء فريدة وتجارب موسيقية منسقة، وربما عروض حية، بهدف تعزيز الإبداع والتواصل بين الضيوف.
ستركز الفنادق على تقديم نمط حياة شامل وطموح، وتوفير مساحات وخدمات تتيح للضيوف الاسترخاء وتجديد النشاط بطرق فريدة، مما يلبي الطلب المتزايد على سياحة الرفاهية.
هذا المزيج الفريد يضع فنادق “دو بوتيك” في موقع استراتيجي متميز ضمن سوق الضيافة الإماراتي لعام 2025. ففي الوقت الذي يشهد فيه السوق نمواً قوياً ومنافسة شديدة، مع استمرار هيمنة الفنادق الفاخرة التقليدية ولكن مع تزايد الاهتمام بالخيارات المتوسطة والتجريبية، وازدهار لافت في قطاع المساكن ذات العلامات التجارية (branded residences)، فإن “دو بوتيك” تقدم بديلاً مختلفاً.
إنها ليست مجرد محاولة لدخول سوق الضيافة، بل هي خطوة محسوبة تستهدف شريحة محددة ومتنامية من المسافرين الباحثين عن تجارب فريدة وشخصية تتجاوز الإقامة التقليدية. من خلال الشراكة مع أيقونة موسيقية عالمية والتركيز على مزيج موضوعي مميز (الذكاء الاصطناعي، الموسيقى، الصحة)، تخلق “وان للتطوير العقاري” مساحة تنافسية خاصة بها. إنها تستجيب للاتجاهات التي أبرزتها تقارير عام 2025، والتي تشير إلى رغبة المسافرين المعاصرين في تجارب غامرة ثقافياً، وشخصية، وتركز على الرفاهية.
كما يتماشى المشروع مع استراتيجية الإمارات للسياحة 2031، التي تهدف إلى تعزيز مكانة الدولة كوجهة سياحية عالمية رائدة. إنها استراتيجية تهدف إلى تجاوز المنافسة المباشرة مع سلاسل الفنادق الفاخرة القائمة من خلال تقديم تجربة مميزة، ومنسقة بعناية، وربما أكثر ارتباطاً ثقافياً، مما يعكس فهماً عميقاً لديناميكيات السوق المتغيرة في عام 2025.
تنظيم المستقبل – مسار عام 2025
بينما تمضي “وان للتطوير العقاري” قدماً في تنفيذ مشاريعها الطموحة في عام 2025، فإنها تفعل ذلك ضمن سياق سوق عقاري إماراتي، وخاصة في دبي، يتسم بالديناميكية والنمو القوي، ولكنه لا يخلو من التحديات المحتملة. شهد الربع الأول من عام 2025 أداءً قياسياً في حجم وقيمة المعاملات العقارية في دبي، مع زيادة ملحوظة في مبيعات العقارات قيد الإنشاء (off-plan) وارتفاع مستمر في الأسعار. هذا الزخم يعكس ثقة المستثمرين القوية والطلب المستمر.
في هذا المشهد، تبدو استراتيجية “وان للتطوير العقاري” واضحة: التركيز على التميز والتفرد. يؤكد الجبيلي على أن “البقاء ليس للأقوى بل للمنتج المميز”. ويشدد على ضرورة استمرار المطورين في ابتكار منتجات تلبي احتياجات السوق وتتميز بالجودة، خاصة وأن القوانين والتشريعات الرائدة في الإمارات تدعم ذلك. يمثل “لاجونا ريزيدنس” وفنادق “دو بوتيك” تجسيداً لهذا النهج، حيث يقدم كل منهما مفهوماً فريداً مدعوماً بالتكنولوجيا والجودة العالية.
يتزامن تركيز الشركة على الذكاء الاصطناعي مع اتجاه أوسع نطاقاً في الإمارات. ففي عام 2025، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد كلمة طنانة في قطاع العقارات، بل أصبح قوة مؤثرة تعيد تشكيل كيفية تصميم وإدارة وبيع وتجربة العقارات. تشير تقارير ودراسات الخبراء الصادرة في عام 2025 إلى أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم بشكل متزايد لتحليل اتجاهات السوق، وتحديد قيم العقارات بدقة، وتحسين إدارة الممتلكات من خلال الصيانة التنبؤية، وتخصيص تجارب المستأجرين، وحتى في تصميم مجتمعات تركز على الصحة وطول العمر. تدعم هذه الجهود استراتيجية وطنية طموحة للذكاء الاصطناعي واستثمارات كبيرة من قبل الحكومة والقطاع الخاص في الإمارات، مما يضع الدولة في مصاف الدول الرائدة عالمياً في هذا المجال. وبذلك، فإن “وان للتطوير العقاري” لا تتبنى مجرد اتجاه تكنولوجي، بل تساهم بنشاط في تشكيل مستقبل القطاع العقاري في بيئة داعمة للابتكار.
وبالنظر إلى المستقبل لما بعد عام 2025، لا يبدو أن طموحات علي الجبيلي وشركته ستتوقف عند المشاريع الحالية. فقد أعلنت الشركة عن خطط لتوسيع محفظتها لتشمل مجموعة متنوعة من المشاريع السكنية والفلل والمشاريع التجارية والفندقية. كما تلمح الشركة إلى تطلعات للتوسع الدولي، مع التركيز على أسواق رئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل مصر والمملكة العربية السعودية. يتماشى هذا مع طموح الجبيلي الشخصي الذي عبر عنه بقوله إنه يسعى لأن يكون لديه “في كل سنة مشروع أو منتج مختلف ومميز”، وأن يطور شيئاً يستفيد منه الناس ويكون رائداً في أفكار جديدة.
الرجل، والموسيقى، والمدينة
في سيمفونية التطور العمراني التي تعزفها دبي والإمارات في عام 2025، يبرز علي الجبيلي كقائد أوركسترا يمزج ببراعة بين الأصالة والحداثة. إنه يستلهم من إرث عائلته العريق في ريادة الأعمال، ولكنه يتبع إيقاع شغفه الخاص الذي قاده إلى عالم العقارات والتكنولوجيا. إنه لا يخشى تبني الابتكارات الجريئة، فيجعل من الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في مشاريعه، ليس كغاية في حد ذاته، بل كوسيلة لتعزيز جودة الحياة البشرية.
تتجلى رؤيته في عام 2025 من خلال “لاجونا ريزيدنس”، المجتمع السكني الذي يتنفس تكنولوجيا المستقبل، ومن خلال فنادق “دو بوتيك”، التي تعد بتجربة ضيافة فريدة تنسج خيوط الموسيقى والذكاء الاصطناعي والرفاهية. لكن وراء هذه المشاريع اللامعة، تكمن فلسفة أعمق ترتكز على الإنسان. شعار “نستلهم منك” ليس مجرد كلمات، بل هو التزام بفهم احتياجات الناس وتطلعاتهم، وبناء مجتمعات تعزز التواصل والانتماء.
في شخصية علي الجبيلي، نرى تجسيداً لروح دبي 2025: قائد لا يرى النجاح قمة ثابتة، بل رحلة مستمرة من النمو والتكيف، قائد يؤمن بقوة الفريق وبأهمية المثابرة في وجه التحديات، وقائد يسعى قبل كل شيء إلى ترك أثر إيجابي ودائم. إنه ينسج خيوط الماضي والحاضر والمستقبل، ليؤلف فصلاً جديداً في قصة التطور العمراني، فصلاً تكون فيه التكنولوجيا في خدمة الإنسان، والمستقبل مستوحى من أحلام اليوم. إن المجتمعات التي تبنيها “وان للتطوير العقاري” اليوم قد لا تكون مجرد أماكن للسكن أو الإقامة، بل نماذج لكيف يمكن للتكنولوجيا، عندما تُقاد بشغف ورؤية إنسانية، أن تعيد تعريف معنى العيش في مدن المستقبل.
تصوير: بن كوب | بقلم: مجد البهو