أظهرت أحدث بيانات دراسة مؤشر مديري المشتريات الرئيسي في مصر التابع لـ “اس اند بي جلوبال” أن عدد الوظائف الجديدة تراجع بأسرع معدل منذ شهر أيار / مايو، إلا أن التراجع ظل ضعيفاً مقارنة بما هو مسجل في بداية العام.
وواجهت الشركات المصرية غير المنتجة للنفط تحديات ناتجة عن سلاسل التوريد والتضخم السريع في نهاية الربع الثالث، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الأعمال غير المنجزة مع انكماش مستويات الإنتاج بشكل حاد.
وجاء هذا الإرتفاع القياسي في حجم الأعمال المتراكمة على الرغم من استمرار تراجع الطلبات الجديدة، حيث استمر ارتفاع الأسعار في التأثير على إنفاق العملاء وثقتهم. وفي الوقت نفسه، أشارت بيانات الدراسة إلى أن ضعف سعر الصرف قد ساهم في ارتفاع آخر حاد في تكاليف مستلزمات الإنتاج الإجمالية، مما أدى بدوره إلى ارتفاع قوي في أسعار البيع.
وفي ظل المخاوف من أن الأسعار ستستمر في الإرتفاع وأن ظروف التوريد لا تزال صعبة، احتفظت الشركات بالمخزون وعززت أعداد موظفيها. وسجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي في مصر، بعد تعديله نتيجة العوامل الموسمية، وهو مؤشر مركب تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط، 48.7 نقطة في شهر أيلول / سبتمبر، منخفضاً بذلك عن 49.2 نقطة سجلها في شهر آب / أغسطس، ليصل إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر. وتشير القراءة إلى مزيد من التدهور في ظروف الأعمال، وإن كان متواضعاً بشكل عام. وتأثرت القراءة الرئيسية بالإنخفاضات الأكثر حدة في الإنتاج والطلبات الجديدة، حيث واصلت الشركات المصرية غير المنتجة للنفط الإشارة إلى تراجع معدالت الطلب بسبب ارتفاع التضخم.
وانخفضت مستويات الإنتاج بمعدل حاد ومتسارع في نهاية الربع الثالث. وإلى جانب تراجع المبيعات، أفاد كثير من الشركات أن هناك صعوبات في الحصول على المواد الخام بسبب مشكلات الإستيراد والإرتفاع السريع في الأسعار. وأدى الضغط الناتج على القدرات التشغيلية إلى أكبر زيادة في الأعمال المتراكمة سجلتها الدراسة على الإطالق منذ بدايتها في عام 2011.

وفي الوقت نفسه، ظل معدل تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج في الاقتصاد غير المنتج للنفط حاداً في شهر سبتمبر، حيث لم يتباطأ إلا بشكل هامشي عن مستوى شهر أغسطس الأعلى في خمسة أشهر. ولا يزال ضعف سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكي هو السبب الرئيسي لارتفاع النفقات، حيث ارتفعت أسعار المشتريات بشكل حاد. ومع ذلك، ارتفع تضخم الأجور إلى أعلى مستوى خلال سبعة أشهر حيث قامت بعض الشركات برفع رواتب الموظفين لمساعدتهم على مواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة. ودفع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الشركات إلى رفع أسعار البيع بقوة، وإن كان بدرجة أقل قليلاً مما كانت عليه في شهر أغسطس.
من ناحية إيجابية، قامت الشركات بزيادة مستويات التوظيف لديها للشهر الثاني على التوالي في شهر سبتمبر، وبأسرع وتيرة منذ ما يزيد قليلاً عن خمس سنوات. وتركز الإرتفاع في قطاع الخدمات، وكان مرتبطاً بشكل أساسي بالرغبة في زيادة القوى العاملة.
وكانت الشركات غير المنتجة للنفط واثقة بشكل طفيف من زيادة الإنتاج خلال الأشهر الـ 12 المقبلة. وتراجعت درجة التفاؤل مقارنة بشهر أغسطس في ظل بعض المخاوف بشأن تقلب اللسعار ومشكلات السيولة.
وقال ديفد أوين، خبير اقتصادي أول في “اس اند بي جلوبال إنتليجنس” إن “الشركات المصرية غير النفطية واجهت ضغوطاً غير مسبوقة على طاقتها التشغيلية في سبتمبر على الرغم من استمرار انخفاض المبيعات، حيث أشار مؤشر مدراء المشتريات للأعمال المتراكمة إلى تراكم قياسي للطلبات غير المنجزة. وذكرت كثير من الشركات أن ارتفاع التضخم – حيث وصل التضخم السنوي في المناطق الحضرية إلى مستوى قياسي بلغ 37.4% في أغسطس – ونقص المعروض من المواد الخام أدى في كثير من الأحيان إلى عدم قدرتها على تلبية طلبات العملاء. إضافة إلى ذلك، كانت الشركات مترددة في السحب من المخزون حيث لا تزال توقعات التوريد والأسعار صعبة، مما أدى إلى انخفاض مستويات الإنتاج بشكل حاد وبدرجة أكبر من الطلبات الجديدة”.
وأدى ضعف سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي إلى ارتفاع حاد آخر في أسعار المشتريات في سبتمبر، مما زاد من المؤشرات التي تشير إلى أن التضخم سيظل مرتفعاً حتى تتم السيطرة على العوامل ذات الصلة، مثل الإمدادات الغذائية واحتياطيات العملة الأجنبية. كما أظهرت قراءة مؤشر التوظيف القوية أيضاً كانت مقبلة على زيادة أعداد موظفيها، في حين أن الطلبات الجديدة، على الرغم من تراجعها بوتيرة أسرع، لم تنخفض إلا بشكل متواضع.”