في ظل مشهد أمني متطور أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة أساسية لكل من المهاجم والمدافع، تبرز المملكة العربية السعودية كقوة دافعة للابتكار السيبراني. ورغم أن 93% من المؤسسات في المملكة تعمل على تطوير استراتيجياتها للذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك فجوة في الجاهزية، حيث أن 8-12% فقط منها جاهزة بالكامل لتحمل أنشطة الذكاء الاصطناعي. مدير مكتب السعودية في شركة أوديسي، يشاركنا برؤيته حول مساهمة الشركة و حلولها في سد هذه الفجوة. ويتحدث عن دور أدوات مثل “كلير سكايز” في تحقيق الكفاءة التشغيلية عبر الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والكشف الفوري عن التهديدات. كما يلفت لأهمية دمج الخبرة البشرية مع التكنولوجيا لرفع مستوى النضج الأمني، واستراتيجيات أوديسي في تدريب الموظفين لمقاومة الهجمات الموجهة من الذكاء الاصطناعي، في مسعى مستمر لتعزيز الأمن الرقمي الفعال والمستدام في السوق السعودي المتنامي. وعن التحول الأبرز في مشهد الأمن السيبراني اليوم ومواكبته لتصاعد تقدم الذكاء الاصطناعي بالتوازي مع التطورات المتسارعة التي تشهدها إمكاناته، يجيب بالقول:”إن التحول الأبرز في مشهد الأمن السيبراني اليوم هو اتساع مجال اندماج الذكاء الاصطناعي في وسائل الهجوم واستراتيجيات الدفاع. ففي المملكة العربية السعودية، تعمد 98% من الشركات والمؤسسات إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في جميع الأنشطة المتعلقة بالأمن السيبراني، وقد وضعت 93% من المؤسسات استراتيجيات رسمية للذكاء الاصطناعي أو تعمل على تطويرها حالياً. ويعكس هذا التوجه تنامي دور الذكاء الاصطناعي في كشف التهديدات والاستجابة لها بصورة تلقائية. وأرى من المبالغة القول إن الذكاء الاصطناعي يفرض مخاطر وجودية بسبب تطور إمكاناته بسرعة كبيرة لدرجة يستحيل إيقافها؛ فالتركيز حالياً ينصبّ على توظيف الذكاء الاصطناعي المسؤول وتعزيز حوكمته وجاهزيته. وبالحديث عن الجاهزية في الوقت الراهن، فإن 8-12% من الشركات والمؤسسات فقط تتمتع بالجاهزية الكاملة لتحمل أنشطة الذكاء الاصطناعي، مما يؤكد ضرورة الاستثمار في المهارات والبنية التحتية اللازمة لإدارة هذه المخاطر بكفاءة عالية.
ما المنهجية التي تتبنّاها شركة أوديسي في الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة لتحسين عملية رصد التهديدات بشكل فوري والاستجابة لها؟
تستخدم أوديسي الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة لمعالجة وتحليل كميات كبيرة من بيانات الشبكة ونقاط النهاية في الوقت الحقيقي. ومن خلال أداة “كلير سكايز”، الحائزة على جوائز والمدرجة في تقرير Gartner Magic Quadrant لعامي 2021 و2024 لإدارة معلومات الأمن والأحداث (SIEM)، هي حل سحابي من الجيل التالي، مصممة خصيصًا لتطوير مراكز عمليات الأمن من خلال الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وكشف التهديدات السياقية، والاستجابة التكيفية، إلى جانب تكامل قدرات الذكاء الاصطناعي، في تمكين فرق الأمن من التغلب على إرهاق التنبيهات وتحسين كفاءة العمليات الأمنية.
وبإستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، تقوم “كلير سكايز” بأتمتة عملية فرز التنبيهات وتحديد أولوياتها بناءً على شدتها وتأثيرها على الأعمال، مع تقديم رؤى وسياق غني لكل تنبيه، واقتراح خطوات التحقيق المناسبة، وإسنادها للمحللين لاتخاذ الإجراءات اللازمة. كما تعمل على أتمتة المهام الروتينية وتنفيذ تدابير احتواء تلقائية – مثل عزل نقاط النهاية المصابة – مما يساهم في تقليص نافذة المخاطر بشكل كبير.
ويتماشى هذا النهج الذكي مع نمو سوق الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية، الذي بلغ حجمه 15.2 مليار ريال سعودي في عام 2024، ويعكس تزايد الطلب على حلول دفاعية مرنة واستباقية قائمة على الذكاء الاصطناعي، في سوق يُتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 10% حتى عام 2030.
ما دور أداة “كلير سكايز” في رصد التهديدات؟
يساعد نظام “كلير سكايز”في كشف التهديدات بفعالية من خلال الدمج بين القياس عن بُعد الشامل متعدد الطبقات والذكاء الاصطناعي السياقي، متجاوزًا بذلك محدودية الإشارات المعزولة. وعلى عكس الأساليب التقليدية التي تعتمد على قواعد ثابتة، يُحلل” كلير سكايز”البيانات باستمرار وفي الوقت الفعلي عبر نقاط النهاية والهويات والشبكات وأعباء العمل السحابية ونظام أسماء النطاقات (DNS).
يربط النظام هذه الإشارات بمعلومات التهديدات، وسلوك المستخدم، وسياق الأصول، ليُسلّط الضوء على ما يهم حقًا: اكتشافات عالية الثقة بدلاً من تنبيهات عشوائية تشتّت الانتباه. كما تُعزز قدرات التعلم التكيفي دقة الكشف بمرور الوقت، مما يُقلل من معدلات الإنذارات الكاذبة ويُمكّن فرق الأمن من التركيز على التهديدات الفعلية.
يتكامل نظام “كلير سكايز” بسلاسة مع البنية التحتية القائمة، موفرًا رؤية مركزية وإدارة ذكية للتهديدات مدعومة بالذكاء الاصطناعي. هذا التكامل يُمكّن المؤسسات من التصدي لتحدي نقص الكفاءات في قطاع الأمن السيبراني داخل المملكة العربية السعودية، عبر تعزيز الكفاءة التشغيلية وتقليل الاعتماد على التدخل البشري.
تُسهم هذه القدرات في دفع المؤسسات نحو مستويات أعلى من النضج الأمني، لاسيما في ظل واقع يُظهر أن 25% فقط من الشركات السعودية تُصنّف نفسها حاليًا على أنها “ناضجة” أو “متقدمة” من حيث جاهزية الأمن السيبراني.
بالتوازي مع استخدام الذكاء الاصطناعي، ما أهمية الخبرات البشرية في خدمات الأمن المُدارة لديكم لضمان أعلى درجات الدقة والتخلص من النتائج الإيجابية الزائفة؟
تُعد الخبرة البشرية عنصرًا أساسيًا في استكمال قدرات الكشف المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضمن خدماتنا الأمنية المُدارة. فبينما يُمكّن الذكاء الاصطناعي من تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة وكفاءة، وتحديد التهديدات المحتملة، يُضيف محللو الأمن السيبراني لدينا السياق التحليلي اللازم للتحقق من صحة التنبيهات، وتقليل الإيجابيات الخاطئة، وضمان استجابات دقيقة وفي الوقت المناسب.
هذا التكامل بين التكنولوجيا المتقدمة والرؤية البشرية الخبيرة يُشكل نموذجًا هجينيًا يُعزز دقة الكشف ويُوائم الاستجابات الأمنية مع مستوى تحمل المخاطر وأولويات العمل الخاصة بكل مؤسسة. وفي ظل النقص المتزايد في الكفاءات السيبرانية داخل المملكة العربية السعودية، يضمن هذا النهج تحقيق فعالية تشغيلية عالية، إلى جانب توفير أمان مرن، قابل للتطوير، ومُصمم لمواكبة التهديدات المتطورة.
تقدم أوديسي برامج تدريبية مُخصصة تُحاكي هجمات الهندسة الاجتماعية الواقعية المُعززة بالذكاء الاصطناعي، وذلك لرفع مستوى وعي الموظفين وتحسين مهاراتهم في الكشف عنها. وتُستكمل هذه البرامج بتحديثات مستمرة حول الأساليب الناشئة، مما يُعزز ثقافة الوعي الأمني.
كما نُطبق ضوابط تقنية مثل تصفية البريد الإلكتروني، والتحليلات السلوكية، ودليل الاستجابة للحوادث. وبما أن 72% من المؤسسات السعودية تتوقع حدوث اضطرابات إلكترونية خلال الـ 12-24 شهرًا القادمة، فإن الجمع بين التثقيف والوقاية والاستجابة السريعة أمر بالغ الأهمية للحد من مخاطر تهديدات الهندسة الاجتماعية المُتطورة بشكل متزايد.
في ظل تزايد هجمات الهندسة الاجتماعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل التصيد الاحتيالي والاحتيال عن طريق الرسائل النصية القصيرة، ماذا تقدمون للمؤسسات والشركات من أجل تثقيف موظفيها وحمايتهم على النحو الأمثل؟
تقدم أوديسي برامج تدريبية موجهة تحاكي الهجمات الحقيقية للهندسة الاجتماعية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وذلك بهدف الارتقاء بمستوى وعي الموظفين وتحسين مهارات رصد التهديدات. أضف إلى ذلك تقديم تحديثات مستمرة حول الأساليب الناشئة في مشهد الأمن السيبراني وترسيخ ثقافة الوعي الأمني. كما نحرص على استخدام أدوات التحكم الفنية، مثل فرز البريد الإلكتروني، والتحليلات السلوكية، وخطط الاستجابة للحوادث. وبما أن 72% من المؤسسات في المملكة تتوقع حدوث اضطرابات سيبرانية خلال 12–24 شهراً المقبلة، فإنه من الضروري والمُجدي لتلك المؤسسات تكريس عوامل التعليم والحماية والاستجابة السريعة للحدّ من المخاطر الناجمة عن تهديدات الهندسة الاجتماعية وتطورها المستمر.

