Posted inصوت الشركاءآخر الأخبارأخبار أريبيان بزنسأخبار السعوديةعقارات

راديسون ترسم ملامح الضيافة الجديدة في السعودية… توسع طموح برؤية مستدامة

“رؤية جريئة واستراتيجات مبتكرة: مجموعة فنادق راديسون تضيء طريقها في السوق السعودي”

في عالم تتسارع فيه حركة الأعمال وتتجدد فيه معايير النجاح كل يوم، تلفت مجموعة فنادق راديسون الأنظار بخطواتها الطموحة في السوق الإقليمي، وخاصةً في السعودية. هذه الرؤية لا تأتي من فراغ، بل تستمد زخمها من قيادة استشرافية تتجسّد في شخصيات على غرار إيلي ملكي، نائب الرئيس لتطوير الأعمال في مجموعة فنادق راديسون، الذي اختار أن يرسم مساراً جريئاً للنمو، رافعاً شعار “الاستدامة والابتكار” في سوق شديدة التنافسية ومتعددة المتطلبات.

لم تكن مقابلتنا مع إيلي ملكي عادية، بل تميّزت بطرح أسئلة مباشرة عن الطموحات والتحديات والاستراتيجيات. في وقت يبدو فيه العالم العربي يسعى للخروج من قوالب اقتصادية تقليدية، كانت رؤية مجموعة فنادق راديسون أكثر تركيزاً على الملاءمة بين التحولات العالمية وبين الاحتياجات المحلية. ما يلفت النظر حقاً هو التناغم بين حرص المجموعة على التوسع في المدن الرئيسة وبين رغبتها في إحياء المدن الثانوية، وكأنها تريد أن تقول إن التنمية الحقيقية لا تكتمل إلا إذا شملت كل الجغرافيا.

الرهان على المستقبل… أهداف بـ”150 فندقًا” ومرونة في العلامات التجارية

في البداية، يتحدث ملكي بثقة عن أهدافٍ واضحة: الوصول إلى تشغيل 150 فندقاً، منتجعاً وشقة فندقية بحلول عام 2030. لكن المسألة ليست أرقاماً جامدة، بل هي رؤية تتنوع ما بين العلامات التجارية الفاخرة مثل “Radisson Collection”، والأخرى الحديثة ذات الطابع الفني أو العصري مثل “art’otel” و“Prize by Radisson”. هذه الانتقائية ليست عشوائية، بل تُترجَم على الأرض كاستراتيجية توازن بين احتياجات الأسواق المختلفة، وتستثمر في عوامل الجذب السياحي الناشئة. إذ يذكر ملكي أنّ أكثر من 70% من المالكين والشركاء لديهم فنادق متعددة مع المجموعة، وأن هذا الرباط المتين يفتح الباب أمام مزيد من المشروعات والاستثمارات في أسواقٍ شتى.

عندما سألناه عن دوره كنائب الرئيس للتطوير وكيف يسهم ذلك في دعم الرؤية الإقليمية، أوضح ملكي أنه يقود مسيرة تحويل رؤية المجموعة في المنطقة إلى واقع عملي عبر إدارة المشاريع المستقبلية، والموازنة الدقيقة بين الفرص المعروضة وبين البنية التشغيلية والتمويلية. وبالنسبة إليه، فإن صناعة النجاح تتطلب قيادة “تعرف متى تُسرع الخطى ومتى تلتزم الحذر، وكيف تتكيّف مع متغيرات السوق”.

التحديات بين التشريعات والثقافات

لا يخفى أنّ التنوع الجغرافي والثقافي يضيف طبقاتٍ من التعقيد أمام أي خطط توسعية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. تحدّث ملكي عن ضرورة التعامل مع بيئات تشريعية وقانونية متباينة، فضلاً عن التبدلات السياسية والاقتصادية. لكن المفارقة هي أنّ هذه التحديات تُعدّ أشبه بوقودٍ يدفع المجموعة للاستثمار في التقنيات الرقمية والحلول التشغيلية المرنة. من بين ما يلفت الانتباه في حديثه إشارته إلى أدوات متقدمة مثل “Pulse by RHG” وإلى مبادرات “5YP” التي تساعدهم على تحسين العوائد المالية لأصحاب الفنادق.

السعودية حجر الأساس في استراتيجية النمو

ربما يكون أبرز ما يميّز هذه الاستراتيجية هو الرهان الضخم على السوق السعودي. يؤكد إيلي ملكي أنّ التحولات الجذرية التي يشهدها الاقتصاد السعودي في ضوء رؤية 2030 ليست مجرّد كلام على ورق، بل تتجلى في خطط فعلية لتطوير قطاعات السياحة والترفيه والبنية التحتية. السعودية تُمثّل 20% من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتطمح إلى مضاعفة عدد الغرف الفندقية عدة مرات بحلول عام 2030، كما يشير ملكي نقلاً عمّا تطرحه الجهات السعودية المعنية.

هنا، يعرب ملكي عن اعتزاز المجموعة بشراكتها الطويلة مع المملكة التي بدأت منذ عام 2002، مع تسارع كبير في العقد الأخير، ليصل عدد الفنادق قيد التشغيل والتطوير حالياً إلى نحو 50 فندقاً، مع خطط لبلوغ 100 فندق بحلول عام 2030. واللافت أن هذا التوسع لا يقتصر على المدن الكبرى مثل الرياض وجدة ومكة والمدينة، بل يمتد ليشمل مدناً ومناطق أخرى يبحث المستثمرون فيها عن فرص واعدة.

دعم للسياحة الدينية.. بين مكة والمدينة

ما إن يتطرق الحديث إلى مكة والمدينة حتى يصبح من الواضح أن لمجموعة راديسون استراتيجية مختلفة في هذا الجزء ذي الخصوصية الدينية. يقول ملكي إن ما يقدّمونه هناك هو مزيج من الاحترام العميق للمشاعر الدينية مع الالتزام بالمعايير العالمية للخدمة. ويضيف أن دعم السياحة الدينية يعني توفير بيئة تلبّي احتياجات الزوار سواء في مواسم الحج والعمرة أو طوال العام، مع مراعاة المتطلبات الثقافية والمحلية.

تحولاتٌ في مفهوم الضيافة: علاماتٌ جديدة وخبرات متجددة

وعن العلامات التجارية الأحدث مثل “art’otel” و”Prize by Radisson”، يشرح ملكي أن المجموعة لا تسعى فقط إلى “بيع غرفة” أو “تجربة مبيت”، بل تريد تغيير مفهوم الضيافة ككل، لتكون التجربة البصرية والثقافية والترفيهية حاضرة بقوة في قلب كل مشروع جديد. هذه الرؤية تعكس قناعة متزايدة بأن الأجيال الشابة من النزلاء تبحث عن “تجربة” أكثر من مجرد خدمة تقليدية. وعندما يتحدث ملكي عن ذلك، يربط بين نجاحات العلامات القائمة، مثل “Radisson Blu” و”Radisson Collection”، وبين الحماس الذي يحيط بالعلامات الأحدث.

يشدد ملكي على أنّ الشراكة مع المصارف والمطورين العقاريين المحليين ليست مجرد مسألة مالية؛ بل هي علاقة تقوم على إيمان مشترك بإمكانيات السوق. ومن الواضح أن 70% من الشركاء الحاليين للمجموعة يمتلكون أكثر من فندق واحد، ما يعكس مستويات عالية من الثقة. هذه الشراكات تخلق حركة اقتصادية نشطة في كل منطقة تدخلها المجموعة؛ فالمشروعات الجديدة غالباً ما تعني وظائف جديدة، وبرامج تدريب، وتنمية للكوادر الشابة، ومعها تنعكس فوائد إيجابية على المجتمع المحلي.

الحفاظ على التراث بسياق عالمي

على الرغم من حضور المجموعة العالمي، فإنّ الحفاظ على التراث الثقافي والمزج بين الخصوصية المحلية والمعايير الدولية كان حاضرا بقوة في خطاب إيلي ملكي. سواء في الديكورات أو في طبيعة الخدمات المقدمة، يسعى فريق راديسون إلى جعل كل فندق “مرآة” للمكان الذي يوجد فيه. هذه اللمسة المحلية تمتد إلى توظيف أبناء المنطقة، ما يمكّنهم من نقل أصالة الثقافة والعادات للضيوف.

يرى ملكي أنّ كل مشروع فندقي يمكن أن يشكّل نقطة ارتكاز لنهضة اقتصادية في محيطه، إذ يفتح سوق العمل أمام الشباب المحليين، ويساعد على توفير فرص تدريب وتأهيل عبر مبادرات مثل “Radisson Academy”. هكذا يمكن للفندق أن يصبح أكثر من مجرد مبنى؛ بل يساهم في تغيير حقيقي في بنية المجتمع المحلي والاقتصاد المحيط به.

الاستدامة في صُلب الاستراتيجيات: من تشييد الفنادق إلى تشغيلها

لا يمكن قراءة استراتيجية مجموعة راديسون من دون أن نلحظ خطها الاستدامي الواضح، بدءاً من تبني معايير البناء الأخضر، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه، ووصولاً إلى سياسات الاستخدام الرشيد للموارد في مرحلة التشغيل. يشير ملكي إلى أنّ هذه الممارسات ليست “ترفاً” بل ضرورة لضمان تقليل النفقات التشغيلية على المدى البعيد، وتحقيق التوازن المطلوب بين الربحية وحماية البيئة.

المجموعة، كما يقول، ملتزمة بتحقيق “صفر انبعاثات كربونية” بحلول عام 2050، وتنفّذ مبادرات تعويض الكربون في أنشطة الاجتماعات والفعاليات. كل ذلك يعكس التحوّل المتزايد لدى المؤسسات العالمية الفاعلة نحو نهج تشغيلي أكثر اخضراراً.

خطط الوصول إلى 100 فندق في السعودية

حتى يصل عدد الفنادق إلى 100 بحلول عام 2030 في السعودية، تعتمد المجموعة على ما يسمّيه ملكي بـ”التركيز المتكامل”: تعزيز العلاقات مع المستثمرين، تطوير حلول تقنية تدعم الإدارة التشغيلية، وتدريب الكوادر المحلية. ويأتي هذا إلى جانب تجديد الثقة مع الشركاء القدامى، والتوسع نحو المشاريع المبتكرة في مدن تشهد قفزات عمرانية.

لا ينفي ملكي وجود تحديات تتعلق بالمنافسة أو بارتفاع التكاليف، لكنه يشدد على أن لدى راديسون منظومة متكاملة من الأنظمة الإلكترونية مثل “EMMA” وأنظمة إدارة الإيرادات، التي تتيح لهم التكيّف بسرعة مع أي تحدٍ طارئ.

ما تفعله راديسون ليس معزولاً عن المشهد الأشمل الذي ترسمه رؤية المملكة 2030. يستطرد ملكي في وصف الدور الذي يمكن للقطاع الفندقي والسياحي أن يلعبه في تحقيق التنوع الاقتصادي، وخلق مجتمع حيوي، والوصول إلى اقتصاد أكثر رسوخاً. من خلال التركيز على المشاريع التي تشجع السياحة الداخلية والخارجية، تسهم المجموعة في تعزيز قطاع “الضيافة المستدامة”، ليكون رافداً حقيقياً لدعم مشاريع المملكة العملاقة.

نحو خريطة سياحية متكاملة

يتساءل كثيرون عن جدوى الاستثمار في مدن ومناطق ثانوية قد لا تكون على خريطة السياحة التقليدية. لكن إيلي ملكي يرى في هذه المناطق فرصًا كامنة. “النمو ليس حكراً على المدن الكبرى”، يقول، مشيراً إلى أن أحد مفاتيح النجاح هو فهم طبيعة السكان المحليين واحتياجاتهم، ثم تخصيص العلامة الفندقية والخدمات بما يلائم تلك الاحتياجات.

المحصلة أن هذه المدن قد تصبح ملتقى للسياح، سواء بهدف استكشاف التراث والثقافة أو لأغراض الأعمال والمؤتمرات المتخصصة. وفي النهاية، يستفيد الجميع؛ المالك والمجموعة والسكان المحليون.

إذا كان العالم يمر بتقلبات سريعة على مختلف الأصعدة، فإن ملكي يبدو متفائلاً بقدرة قطاع الضيافة على التأقلم والنمو مجدداً. “الرقمنة” و”التشغيل المستدام” ليست شعارات عابرة، بل تمثل ملامح أساسية للمرحلة المقبلة. وتطلّعات راديسون في تطوير البيئة الوظيفية واستقطاب المواهب الشابة تؤشر إلى أنها مستعدة لمرحلة أكثر تحدياً من ذي قبل.

وهكذا، تخرج من هذه المقابلة انطباعاتٌ حقيقية عن مسيرة نمو واعية ومتوازنة. مجموعة فنادق راديسون قد تكون مثالاً للشركات العالمية التي تدرك أنّ التنوع الإقليمي والاحتياجات المحلية عنصران لا يتعارضان مع الأهداف الربحية، بل يشكلان أساساً لاستدامة النجاح. ورؤية إيلي ملكي نحو تعزيز هذه الشراكات وتأمين الوظائف ودعم المجتمعات هي جزء من منحى بدأ يترسخ في عالم “الضيافة الجديدة”، حيث الثقافة المحلية والعولمة والربحية يمكن أن تتعايش في مشهدٍ متناغم.

من يدري، قد تصبح السعودية في السنوات القليلة المقبلة الوجهة السياحية الأولى في المنطقة، مدعومةً بمشاريع عملاقة ورؤية اقتصادية طموحة، وستكون لمجموعة فنادق راديسون حصةٌ بارزة في صياغة هذه التحوّلات.

للاطلاع على  أحدث الأخبار  و أخبار  الشركات من السعودية والإمارات ودول الخليج تابعنا عبر تويتر  و  لينكد إن وسجل اعجابك على فيسبوك واشترك بقناتنا على يوتيوب  والتي يتم تحديثها يوميا
فريق التحرير

فريق التحرير

فريق تحرير أربيان بزنس يمثل مجموعة من المحترفين. يجمع الفريق بين الخبرة الواسعة والرؤية الابتكارية في عالم الصحافة...